اسم الكاتب (المؤلف) : أ.م.د محمد حميد حسين
الكلية: التربية للعلوم الصرفة
إن الكرة الأرضية تعاني اليوم من مشكلة الاحتباس الحراري نتيجة انبعاث الطاقة الحرارية من معظم الآلات والمحركات, وحتى تلك الآلات التي تعتبر صديقة للبيئة كالسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى أجهزة الحواسيب المحموله واللوحية وغيرها.
لقد أولى الباحثون هذه الطاقة المهدورة اهتماماً كبيراً من أجل حصاد هذه الطاقة والأستفادة منها، فقاموا بتطوير مواد وتقنيات جديدة بإمكانها تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية. وقد طور الباحثون تقنيات هدفها توليد الطاقة الكهربائية من مصادر حرارية لم تكن محل اهتمام في الماضي، وفضلاً عن ذلك فقد توصل العلماء إلى تقنيات بإمكانها توليد الطاقة الكهربائية من حرارة جسم الإنسان، وحركة الشخص الماشي على الرصيف (1، 2).
إن جسم الإنسان يعتبر مصدراً فعَّالاً لتوليد الطاقة الحرارة نتيجة فعالياته الحياتية، إذ إنها تتولد بصورة مستمرة وعلى طول اليوم سواء أثناء حركته، أم سكونه أو نومه.
إن فكرة الأستفادة من جسم الإنسان لتوليد وإنتاج الطاقة هي فكرة ليست بالجديدة، فهي تعود إلى عصور قديمة، عندما أستفيد من طاقة الجسم البشري للأستخراج الماء من الآبار، ورفع الصخور وتحريكها. وبعدها أخذت الفكرة لتدوير المولدات الكهربائيه يدوياً لإنتاج الطاقة الكهربائية، و نلاحظ مما سبق أن حصاد الطاقة قد تم من خلال حركة الجسم، من دون الأهتمام بالطاقة الحرارية التي يولدها (3).
حصاد الطاقة الحرارية لجسم الإنسان لتوليد طاقة كهربائية
إن إنقطاع التيار الكهربائي من بطارية الهاتف المحمول هو أحد أسباب إنقطاع الاتصال أو المكالمة الهاتفية والتي قد تكون هامة جداً، والشيء نفسه قد يحدث مع ساعة اليد الألكترونية والتي غالباً ما يتم كشفها بعد فوات الأوان, والتذكر بإن موعداً هاماً قد فات. إن قيام الشخص باتصال هاتفي من جهازه الخلوي دون القلق من نفاذ بطاريته هي فكره قد تبدو أقرب إلى الخيال العلمي من الحقيقه. إن هذه الفكرة قد ترى النور وتدخل حيز التنفيذ إذ تمكن فريق من الباحثين من معهد فراونهوفر الألماني من تحويل الطاقة الحرارية المنبعثة من جسم الإنسان إلى تيار كهربائي.
لأن المبدأ الأساسي الذي أستند عليه الباحثون الألمان هو ظاهرة التأثير الكهروحراري ( أكتشفه العالم الألماني سيبك Seebeck عام 1821 ) والتي تعتبر ظاهره فريدة في الفيزياء إذ يمكنها توليد جهدٍ كهربائي عند تسليط فرق في درجات الحرارة عبر طرفي المزدوج الحراري Thermocouple والعكس صحيح أيضاً, إذ يمكن توليد انحدار حراري عبر طرفي الجهاز عند تسليط فرق جهد كهربائي. إن ما يجب توفره في هذه الأجهزة هو إبقاء الفرق في درجات الحرارة بين طرفي الجهاز قائماً.
صرح بيتر شبيس أحد العلماء العاملين بالمشروع الألماني في حديث معه قائلاً: “المبدأ معروف منذ زمن، وهو ما يطلق عليه المولد الكهروحراري، والذي يعمل بناء على ما يسمى بتأثير سيبيك، أو التأثير الكهروحراري. عن طريق هذا المولد يمكن تحويل الفارق بين درجتي الحرارة بين جسمين مختلفين إلى طاقة كهربائية، أو إلى فرق جهد كهربي. وقد طورنا دوائر كهربية جديدة يمكنها أن تحول هذا الفرق الصغير في الجهد الكهربي إلى فرق جهد كبير، أي إلى تيار كهربي كبير، يمكن الاعتماد عليه لتشغيل الأجهزة الالكترونية المعروفة”. (4)
طاقة الجسم بدلاً من شاحن البطاريات
طور علماء ألمان طريقة جديدة لأستغلال حرارة الجسم لتوليد طاقة كهربية كافية لشحن بطارية الهاتف المحمول وتوليد فولتيات واطئه نسبياً أعتماداً على إنحدار درجات الحرارة ونوع المادة الكهروحرارية المستخدمه.
صرح مصادر في معهد فراونهوف الألماني والمتخصص في صنعة الدوائر المتكاملة بمدينة إرلانجن إن تقنية المواد الكهروحرارية تستفيد من الفرق في درجات الحرارة بين سطح جسم الإنسان ( مثلاً راحة اليد ) والبيئة المحيطة. ويمكن الأستفادة من الطقة الكهربائية المتولدة بهذه التقنية في تجهيز الطاقة الكهربائية لبعض الاجهزة الطبية بالمستشفيات في حالة إنقطاع التيار الكهربائي .
لقد بنى معهد فراونهوفر جهاز تجريبي يعمل بهذه التقنية، حيث يمكن للشخص عند وضع يده على الجهاز وحسب الفرق في درجات الحرارة بين يده والبيئة المحيطة أن يولد كمية من الطاقة الكهربائية والتي تكون كافية لتشغيل الجهاز أو إرسال المعلومات الضرورية للجهة المستفيده، كما طبق العلماء هذه التقنية على بعض التطبيقات في المجال الصناعي والتي كازالت محدودة، يقول شبيس: “الأمر يتعلق بالطبع بمدى كفاءة الدوائر المستعملة. وفي الوقت الحالي، مازالت الطاقة التي يمكن اكتسابها من حرارة الجسم محدودة، وتكفي مثلا ً لتشغيل ساعة يد، أو جهاز لقياس النبض، أو أشياء من هذا القبيل”.
يتوقع الأستفادة من هذه التقنية للمرضى الراقدين في العناية المركزة، واللذين هم بحاجة لمتابعه مستمرة لقياس ضغط دمهم أو سرعة ضربات القلب أو درجة حرارة أجسامهم، حيث إن هذه اجهزه جميعها تعمل بالطاقة الكهربائية وعند إنقطاعه تحدث هناك فترة قطع للبيانات التي قد تكون ضروريه لإبقاء المريض على قيد الحياة. فإذا كان من الممكن الأستغناء عن هذه الأجهزه بأجهزة تعمل بالتيار الكهربي الذي تولده التقنية الجديدة من جسم الإنسان فإن ذلك سبأستمرار ومن دون أي فترات قطع .
لقد واجه العلماء المشاركون بهذه التقنية مشكله في مقدار الفرق في درجات الحرارة بين جسم الإنسان والبيئة المحيطه به والتي يجب أن تزيد عن عشر درجات مئوية، وفي هذا الصدد قال بيتر شبيس من معهد فراونهوف: “يصعب تكون جهد كهربائي كبير في ظل الاختلاف الضئيل بين حرارة الانسان والبيئة المحيطة به”. ومن أجل تذليل هذه الصعوبه طور العلماء دوائر الكترونية تعمل على فرق جهد 0.2V ، كما يتوقعون أن يكون من الممكن مستقبلاً توليد التيار الكهربائي حتى في حالة كون فرق درجات الحرارة 0.5C فقط .
ومما سبق يمككنا القول بأنه يمكن أستغلال هذه التقنية لتوليد الطاقة الكهربائية عند وجود فرق في درجات الحرارة لأي مكان وليس فقط جسم الإنسان. ويأمل العلماء أن يصبح من الممكن مستقبلاً أن يجري الشخص مكالمة من هاتفه المحمول دون القلق من شحن البطارية بالاعتماد على حرارة يده أو جسمه لتوليد التيار الكهربائي الضروري للمكالمه (5، 6).
ابتكار طريقة جديدة لتوليد الطاقة من حرارة الجسم
إن أغلب الأجهزه التي يتم أرتداؤها هي ذات بطاريات قابله للشحن وذات عمر طويل نسبيا، وإذا أمكن أن تكون هذه الأجهزه لاتحتاج إلى الشحن نهائياً فإنها ستكون جذابة بشكل كبير, وسوف يسارع الكثير من الناس لأقتنائها، وهو ما يسعى العلماء لتحقيقه , إذ قاموا بتطوير وابتكار مصادر للطاقة, صغيرة الحجم تستخدم لتوليد الطاقة من خلال حصاد طاقة حرارة الجسم. وصمم فريق من العلماء والباحثين في معهد كوريا المتقدم للعلوم والتقنية مولداً من مواد كهروحرارية ذات وزن خفيف تم طبعها على نسيج زجاجي. وبالرغم من كونه ليس إبتكاراً جديداً لكنه يمثل طفرة كبيرة في هذا المجال لتحول الحجم الكبير إلى الصغير.
وبحسب الموقع الإلكتروني الأميركي “إنغادجيت” المعني بشؤون التقنية، فإن التصميم الجديد يعتبر منهجاً ثورياً لتصميم مولد ,إذ أتاح تقليص وزنه بشكل كبير، الأمر الذي يعد مهماً في الإلكترونيات القابلة للارتداء.
والمولدات الممتصة لحرارة الجسم التي تصنع من مواد غير عضوية تتمتع بطاقة أعلى من تلك المصنوعة من مود عضوية، مما يجعلها خياراً أفضل، لكنها في العادة أكبر وأكثر صلابة.
إن هذا التصميم وجد الحل لكلتا المشكلتين (خفة الوزن وخرج أعلى للطاقة)، فالنسيج الزجاجي يقلل فقدان الحرارة ويرفع من إنتاج الطاقة. ويأمل الباحثون في المعهد الكوري أن يستخدم المولد الجديد في تطبيقات عديدة فضلاً عن الأجهزة القابلة للارتداء (7).
المراجع :
D. Kim, “Thermoelectric properties of InSb- and CoSb3-based compounds,” Osaka University, 2013.
J. Snyder and E. S. Toberer, “Complex thermoelectric materials.,” Nat. Mater., vol. 7, no. 2, pp. 105–114, 2008.
https://www.alarabiya.net/ar/qafilah/2020/02/28/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%86%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8F%D9%87%D8%AF%D8%B1%D8%A9%D8%9F
https://www.dw.com/ar/%D8%AA%D9%82%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AC%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%83%D9%87%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9/a-3001610
https://alghad.com/%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%D9%88%D9%86-%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B3%D9%85-%D9%84/
https://www.alyaum.com/articles/567135/%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B3%D9%85
https://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology/2014/4/15/%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D9%83%D8%A7%D8%B1-%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D9%86