ا. د. عدي حاتم عبد الزهرة المفرجي
جامعة كربلاء /كلية التربية للعلوم الانسانية / قسم التاريخ
كان الشيخ (محمد الحسين آل كاشف الغطاء ) من رجال الدين (المراجع) في مدينة النجف الذين حملوا على كاهلهم هموم العالم الإسلامي ، وامتاز أسلوبه بالصراحة والشجاعة والتشخيص العلمي الصحيح، فنجد أنه وضع التخلف الاقتصادي والاجتماعي وسوء الوضع التعليمي والاحتلال الاجنبي من إمراض الوحدة الإسلامية ، ووضع مفهوم الوحدة الإسلامية في خانة الحل السياسي، وذهب إلى ان تحرير فلسطين احد طرق وحدة المسلمين. وقد ذهب إلى فلسطين1931 وقاد مظاهرة للوحدة تدل على شجاعة حقيقية، كما خاطب الأزهر الشريف ودار التقريب في مصر بضرورة تحويل نشاطهم الى عمل ملموس وترك الأقوال والشعارات والمظاهر الخادعة التي تخدع المسلمين وتوُهمهم بوجود وحدة إسلامية. فبرغم جهود هاتين المؤسستين كانت الفجوة مستمرة بين المسلمين. وكان يجد أن استمرار عمل دار التقريب غير المثمر سيكون بلا طائل، ولن ينتهي لنتائج ملموسة . ولكنه في الوقت نفسه وصف العاملين في شأن الوحدة الإسلامية بالأنبياء إذ قال: (( أولئك دعاة الوحدة وحملة مشعل التوحيد ،أولئك دعاة الحق ،وأنبياء الحقيقة ،ورسل الله إلى عباده في هذا العصر ،يجددون من معالم الإسلام ما درس ويرفعون من منار المحمدية ما طمس )) (الحياة الفكرية في النجف ص222)
ووضع الشيخ (محمد الحسين آل كاشف الغطاء) الحلول لأمراض الوحدة الإسلامية، والتي يمكن تلخيصها بالآتي:
أن يقوم المفكرون وعلماء الدين والمثقفون من المذاهب الإسلامية بمجموعة من البحوث العلمية الموضوعية البعيدة عن التراكمات الطارئة والنتائج النفسية التي ظهرت بسبب الاختلاف والفرقة بين المسلمين .
أن يسعى جميع أولئك إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة بعيداً عن الانحياز العاطفي، والحساسيات المهيجة لمشاعر الناس .
من الضروري إرشاد الناس إلى حقيقة علمية وهي إن الخلافات التي تقع بينهم ما هي إلا مستحدثة وطارئة.
من الضروري الرجوع إلى دعامتين أساسيتين هما كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة فالأولى تتلخص بأن ينظر المسلمون إلى أنهم متفقون على كلمة لا اله إلا الله. إما الثانية فهي الاتفاق على اتخاذ نهج إرشادي واحد لا يتفرع إلى فروع وجزئيات مفككة للوحدة، وخير نهج هو الاقتداء بالنبي الأكرم محمد (ص).
ضرورة الاستماع إلى علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم ، من المنادين بالوحدة والاتفاق ونبذ التشاحن والابتعاد عن البغضاء والأحقاد .
غلق الجدل الفلسفي المذهبي وسد المجالات التي تزيد التشاحن والتباغض والخصومة (الحياة الفكرية في النجف ص 221 ؛أساطين المرجعية ص193).
إنَّ الوحدة الإسلامية لا تتحقق إلا من خلال علمائها، بشرط أن تكون فلسفتهم في الوحدة دينية اجتماعية ،وان لا يرتبط عملهم بإشكال السياسة لان السياسيين يستغلون أولئك العلماء وبالتالي فأن عملهم يزول بزوال السياسيين. والوحدة الإسلامية لا تتحقق ولا ترى النور إلا بعد القضاء على علل المجتمع وتراكمات التاريخ المرير التي مزقت المسلمين. وهذا العمل لن يؤتي ثماره إلا بجهود علماء الدين على اختلاف مشاربهم. وكان آل كاشف الغطاء يدعو لتعميق الثقافة الإسلامية الواعية التي ترسم خارطة الوحدة الإسلامية وترفض بذور الاختلاف وتصبح بمثابة درع تلك الوحدة وحصنها. كما أكّد على ضرورة إعادة النظر في الدراسات الإنسانية والمناهج وطرق التعليم والأساليب التربوية الرسمية وغير الرسمية، لأنها لا تخلو من سموم التفرقة والتشاحن .وكان يدعو للاستفادة من التاريخ الحضاري للإسلام في دراسة المراحل التاريخية التي وصلت بها الأمة الإسلامية أوج وحدتها الإسلامية، ومعرفة الأدوات والأساليب الايجابية التي تحققت بها تلك القوة. وكلّ ذلك جعل الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء واحداّ من الدعاة الحقيقيين للوحدة الإسلامية.