جزيئات الذهب النانوية

أ.د. حميدة عيدان سلمان
حوراء سلمان كاظم
كلية التربية للعلوم الصرفة – قسم الكيمياء

يعتبر الذهب من أوائل المعادن التي تم إكتشافها حيث يمتد تاريخ دراسته وتطبيقاته على الأقل عدّة آلاف من السنين. و يمكن العثور على البيانات الأولى عن الذهب الغروي في أطروحات العلماء الصينيين والعرب والهنود، الذين إستطاعوا الحصول على الذهب الغروي في وقت مبكر من القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد. حيث استخدم للأغراض الطبية (“محلول ذهبي” صيني و “ذهب سائل” هندي)، والعديد من الاستخدامات الأخرى. و في أوروبا خلال العصور الوسطى تمت دراسة الذهب الغرواني و استخدامه في مختبرات الكيميائيين. كما نُشر أول كتاب عن الذهب الغروي عام 1618 و الموجود حتى يومنا هذا من قبل الفيلسوف والطبيب فرانسيسكو أنطوني (1). و جسيمات الذهب النانوية ( (GNPsهي العوالق الغروية لجزيئات الذهب بأحجام النانومتر (2). و من المعروف أن الجسيمات النانوية الذهبية هي الأكثر ثباتاً ، حيث يتم تحضيرها بأشكال وهياكل مختلفة ، تتضمن الكرات النانوية، والأعمدة النانوية ، والأنابيب النانوية ، والفروع النانوية ، والأهرامات النانوية ، والزهور النانوية ، والأقواس النانوية ، والأسلاك النانوية ، والأقفاص النانوية ، عن طريق استخدام تقنيات تصنيعية مختلفة (3). يمكن تصميم جزيئات الذهب النانوية خصيصاً لامتلاك خصائص معينة نظراً للطرق المحسنة للغاية لتركيبها. حجم وشكل جزيئات الذهب النانوية يؤثران تأثيراً عميقاً على سماتها، حيث تؤثر على الاستقرار، والتنقل، والتوافق، الخ.. . يمكن ملاحظة أن الخصائص الفيزيائية والكيميائية (مثل الفلورة، التوصيل الكهربائي، أو التفاعل الكيميائي) للمواد بحجم النانو عادة تكون مختلفة بشكل كبير عن نظائرها في الأشكال الأكبر فإن أفضل مثال على هذه السمة المميزة بالنسبة للذهب هو اللون المصفر للشكل الكبير واللون الأحمر (للجسيمات الأصغر من 100 نانومتر) و الأزرق / الأرجواني (للجزيئات الأكبر) من جزيئات الذهب النانوية ، بالإضافة إلى اعتماده على شكلها وخصائصها. و من السمات الفيزيائية المهمة لجزيئات الذهب النانوية هي رنين البلازمون السطحي (SPR), حيث تحدث هذه الظاهرة عندما يتساوى تردد تذبذب الإلكترونات الحرة على سطح الجسيمات النانوية مع تردد إشعاع الضوء الوارد (4) .
للحصول على الجسيمات النانوية المعدنية هناك طرق مختلفة, تقسم طرق تصنيع الجسيمات النانوية إلى إستراتيجيتين أساسيتين هما نهجيّ ” التنازلي ” و ” التصاعدي “. الطرق التنازلية تتضمن تكوين جزيئات الذهب النانوية من مادة كبيرة وتقسيمها إلى جزيئات أصغر أما النهج التصاعدي فيتضمن تخليق الجسيمات النانوية بدءاً من مستوى الجزيئات أو الذرات (5). يتم إستخدام العديد من الطرق الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية لتصنيع جزيئات الذهب النانوية التي تتمتع بدرجة عالية من الاستقرار ضد الأكسدة (6). و بإستخدام الطريقة الغروانية يتم تصنيع جزيئات الذهب النانوية من خلال إستخدام عوامل الإختزال حيث يتم إختزال أيونات الذهب إلى جزيئات الذهب النانوية (5). على عكس التقنيات الكيميائية والفيزيائية، طريقة التصنيع الأخضر ” Green ” لم يكن لديها مساوئ مثل (التصنيع الذي يصاحبه إستخدام مواد كيميائية شديدة السمية و تشكيل نواتج ثانوية خطيرة) (7). مقارنة بالطرق التقليدية لتصنيع جزيئات الذهب النانوية تتميز طريقة التصنيع ” الأخضر” بالعديد من المزايا، مثل كونها بسيطة، وغير سامة، وغير مكلفة، وفعّالة، وتتطلب درجات حرارة و ضغواً محيطة، ولا تحتاج إلى عوامل إختزال أو تغطية إضافية (6) .
تعد وظيفة السطح واحدة من أكثر الخصائص ملائمة لـجزيئات الذهب النانوية في المجال الطبي الحيوي. باستخدام جزيئات حيوية مختلفة يمكن توظيف سطح جزيئات الذهب النانوية، مثل الحمض النووي والببتيدات والأجسام المضادة, عن طريق نوعان من التفاعلات هما التفاعلات غير التساهمية ، و التفاعلات التساهمية (8). جزيئات الذهب النانوية تقترن بسهولة مع الأجسام المضادة أو النوكليوتيدات للكشف عن الجزيئات الحيوية المستهدفة، مما يتيح إمكانية استخدامها بتطبيقات الكشف والتشخيص في المختبر للأمراض مثل السرطان. و بواسطة جزيئات الذهب النانوية يمكن نقل العوامل العلاجية إلى الخلايا عملية شديدة الأهمية في العلاج الطبي الحيوي (9). هناك اهتمام كبير بتعديل الأدوية الموجودة لتحسين الحرائك الدوائية، وبالتالي تقليل الآثار الجانبية وتمكين توصيل جرعات أعلى إلى الأنسجة المستهدفة (10). و بسبب عدم فهم طبيعة جزيئات الذهب النانوية، يكون الذهب الغروي هو المستخدم في الغالب في حالة الأكسدة، لذلك هناك العديد من الآثار الجانبية الخطيرة في عملية استخدامه (11) .
المصادر :
1 – Dykman, L. A., & Khlebtsov, N. G. (2011). Gold nanoparticles in biology and medicine: recent advances and prospects. Acta Naturae (англоязычная версия), 3(2 (9)), 34-55.‏
2 – Tiwari, P. M., Vig, K., Dennis, V. A., & Singh, S. R. (2011). Functionalized gold nanoparticles and their biomedical applications. Nanomaterials, 1(1), 31-63.‏
3 – Hu, X., Zhang, Y., Ding, T., Liu, J., & Zhao, H. (2020). Multifunctional gold nanoparticles: a novel nanomaterial for various medical applications and biological activities. Frontiers in Bioengineering and Biotechnology, 8, 990.‏
4 – Sztandera, K., Gorzkiewicz, M., & Klajnert-Maculewicz, B. (2018). Gold nanoparticles in cancer treatment. Molecular pharmaceutics, 16(1), 1-23.‏
5 – Milan, J., Niemczyk, K., & Kus-Liśkiewicz, M. (2022). Treasure on the Earth—Gold Nanoparticles and Their Biomedical Applications. Materials, 15(9), 3355.‏
6 – Govindaraju, S., & Yun, K. (2018). Synthesis of gold nanomaterials and their cancer-related biomedical applications: an update. 3 Biotech, 8(2), 113.‏
7 – Mikhailova, E. O. (2021). Gold nanoparticles: biosynthesis and potential of biomedical application. Journal of Functional Biomaterials, 12(4), 70.‏
8 – Kong, F. Y., Zhang, J. W., Li, R. F., Wang, Z. X., Wang, W. J., & Wang, W. (2017). Unique roles of gold nanoparticles in drug delivery, targeting and imaging applications. Molecules, 22(9), 1445.‏
9 – Yeh, Y. C., Creran, B., & Rotello, V. M. (2012). Gold nanoparticles: preparation, properties, and applications in bionanotechnology. Nanoscale, 4(6), 1871-1880.‏
10 – Jain, S., Hirst, D. G., & O’Sullivan, J. (2012). Gold nanoparticles as novel agents for cancer therapy. The British journal of radiology, 85(1010), 101-113.‏
11 – Bai, X., Wang, Y., Song, Z., Feng, Y., Chen, Y., Zhang, D., & Feng, L. (2020). The basic properties of gold nanoparticles and their applications in tumor diagnosis and treatment. International journal of molecular sciences, 21(7), 2480.