الصراع العباسي الإسماعيلي في بلاد المشرق حتى 654ه / 1256م

اطروحة دكتوراه

اسم الباحث : عصماء علي شبوط

اسم المشرف : حسين كريم حميدي

الكلمات المفتاحية :

الكلية : كلية التربية للعلوم الانسانية

الاختصاص : التاريخ الاسلامي

سنة نشر البحث : 2022

تحميل الملف : اضغط هنا لتحميل البحث


وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد ؛ الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا على ما انعم علينا من لطائف توفيقاته.
لقد واجهت الدولة العباسية الذي دام حكمها أكثر من خمسة قرون صراعات فكرية متعددة أدت إلى انقسام الدولة الإسلامية سياسيًا إلى دويلات انشقت بعيداً عن السلطة المركزية في بغداد ، ليس هذا فحسب بل وقد القت هذه الصراعات الفكرية بظلالها على المشرق والمغرب مما أدى الى سيطرة الأقوام الأجنبية على الدولة لذا كان من الضروري أن تحاط تلك النزاعات الفكرية بدراسات وافية لتسليط الضوء على الأثر الذي وقع على الدولة العربية الإسلامية من جرائها فكانت الدراسة التي بين أيدينا التي تناولت النزاعات الفكرية العباسية مع الفرقة الإسماعيلية .
لقد استطاع الإسماعيليون أن ينشقوا عن الخلافة العباسية وتكوين دولة بدأت في الغرب وانتهت في مصر ، وحدث في أول مرة في التاريخ السياسي الإسلامي وجود خليفتين هما الخليفة العباسي والخليفة الفاطمي الذين كانوا أتباع الفرقة الإسماعيلية .
ومن الجدير بالذكر أن ما وصل إليه الإسماعيليون من تكوين دولة دامت لأكثر من ثلاثة قرون لم تكن وليدة المرحلة بل كان لهذا التأسيس جذور امتد من المشرق حتى وصل إلى المغرب حيث انطلقت الدعوة الإسماعيلية من بلاد فارس فاستطاعوا نشر أفكارهم ودعوتهم إلى بقاع مختلفة وصلت إلى الشام وبلاد المغرب العربي .
إذ استطاع الدعاة الإسماعيليين استغلال بلاد المشرق كونها بعيدة عن مركز الخلافة العباسية في بغداد ، و كونها أرض مهيئة لاستقطاب هذه الجماعة ، لتكون قاعدة جماهيرية كبيرة ، كما إن لنظام الدعوة أثرًا كبيرًا في ترسيخ الفكر الإسماعيلي في هذه البلاد ، الذي اعتمد الغموض والسرية التخفي التي عمل بها دعاتهم في انحاء البلاد .
وان المطلع على التاريخ الإسماعيلي يلاحظ أن الإسماعيليين كانوا حريصين كل الحرص في تنظيم دعوتهم ، وكيف استطاعت أن تنتقل من دور الستر إلى دور العلن ، على سبيل المثال لا الحصر ، ما ذكره المؤلف الإسماعيلي الداعي ادريس القرشي (ت : 872ه/ 1467م ) صاحب كتاب ( عيون الاخبار وفنون الاثار) .
لذا فان الخلافة العباسية كان لا بد لها أن تواجه المد الإسماعيلي المغاير لمنهجهم العقدي .
ولا غرو إذا قلنا أن مواجهة العباسيين للإسماعيليين متأخرة نسبيا ، لأن الإسماعيليين لم يكن لهم نشاط سياسي أو دعوي بل كانت جماعات صغيرة مستترة لا يستطيعون الجهر بأمرهم.
يعد القرن الثالث الهجري هو عصر الازدهار الإسماعيلي فقد تأسست الدولة الفاطمية في المغرب ومن ثم انتقلت إلى مصر ، وكذلك ظهور القرامطة التابعين للفكر الإسماعيلي في اليمن ، فضلًا عن تواجد الإسماعيليون في بلاد فارس كجماعة لهم نظمهم وعقائدهم ، كما أن تمييز دعاتهم بأنهم من أشهر الفلاسفة والعلماء الذين عرفوا في التاريخ ، إشارة إننا اثناء عملنا قد تناولنا جميع انحاء بلاد فارس والأماكن البعيدة خارج حدودها في العصر العباسي لإعطاء صورة واضحة عن انتشار الفكر الإسماعيلي .
وتمثلت الإشكالية في مناقشة ، سبب اختلاف العقائد التي انطلق منها العباسيين والاسماعيليين ، وان اختلاف هذه العقائد كان السبب وراء لما وصل اليه الوضع من حدوث صراعات فكرية بين الفريقين ، وما مكن الاسماعيليون من الاستمرار بالصراع لفترة طويلة من الزمن ومنحهم القوة هو التنظيم الجيد الذي امتازوا به ، بدء من السرية في تحركاتهم حتى تمكنوا من تأسيس قاعدة جماهيرية ، ثم انتقلوا الى العلن ، والسرية التي أحاطت بالإسماعيليين كان لها الأثر في اثارة الخلاف حول انتماء بعض الشخصيات لهم كما حصل مع الفيلسوف ابن سينا الذي تضاربت الروايات حول عقيدته الاسماعيلية ، ولم يقف الامر بالإسماعيليين عند الاختلاف مع العباسيين في المعتقدات بشكل بسيط ؛ انما اخذوا بالتحريف الكلي للعقائد في الفترة السلجوقية .
وبناء على ما تقدم جاءت أطروحتنا لتدرس الصراع الفكري العباسي الإسماعيلي بعنوان( الصراع العباسي الإسماعيلي في بلاد المشرق حتى 654ه / 1256م ) وكان الهدف من الدراسة توضيح النزاعات التي حدثت بين الخلافة العباسية ، ومن مثلها من دويلات المنشقة عن الخلافة العباسية وكانت تابعة للخلافة العباسية في بلاد فارس ، كون الإسماعيليين أصحاب عقيدة وفكر مغاير لخلافة العباسية ، فلذلك كانت هناك انعكاسات للدعاة الإسماعيلية في تلك البلاد .
فتبدأ الدراسة بتتبع هذه الفرقة منذ طورها الأول في الظهور وحتى سيطرة المغول على قلعة الموت سنة (654ه / 1256م)، وانتقال حاكمهم إلى أذربيجان .
أما عن المنهجية التي تم اتباعها في هذه الدراسة ، فهو المنهج الزمني في تتبع النزاعات التي حدثت منذ ظهور الإسماعيلية في بلاد فارس وحتى سقوط آخر قلاعهم ، كذلك اعتماد المنهج التحليلي في تحليل النصوص التاريخية ، وفي بعض الأحيان اتبع الباحث منهج موازنة النصوص التي تذكر حدث تاريخي معين.
وتوافقًا مع المنهج الاكاديمي فقد قسمت الدراسة على مقدمة و اربع فصول وخاتمة .
جاء الفصل الأول ليدرس ( الإسماعيلية وانتشارها في بلاد المشرق ) ، إذ تناول دراسة عدد من الموضوعات وهي التعرف بالدعوة الإسماعيلية جذرها ونشأتها ، وعقائدهم ، وكذلك المدلول الفكري لا للقاب في الفكر الإسماعيلي ، إضافة إلى مجموعة من الأئمة كان نشاطهم في بلاد فارس وهم : محمد بن إسماعيل ، وعبد الله بن محمد التقي ، والداعي ميمون القداح ، ودعاة الإسماعيليين في الشمال الغربي لبلاد فارس ، والداعي أبو حاتم الرازي ، ومحمد بن احمد النسفي .
فيما تناول الفصل الثاني الذي عنوانه ( الإسماعيلية في بلاد المشرق في العهد البويهي 334 – 447ه/945-1055م ) ، الذي تضمن هو الآخر موضوعات فبدأ سمات العصر البويهي السياسي وكيف وصلوا إلى إدارة دفة الحكم ، ثم انعكاسات الدعاة و صراعاتهم مع السلطة فناقش الداعي أبو يعقوب السجستاني والصراعات في عصره والداعي الكرماني وما له من دور في النزاعات ، وأحوال بلاد المشرق في فترة ظهور المؤيد لدين الله و جهوده في نشر الدعوة الإسماعيلية في بلاد المشرق ومناظراته .
أما الفصل الثالث بعنوان ( الإسماعيلية في بلاد المشرق في العهد السلجوقي 447 – 654ه/1055-1092م ) ، فتناول بدايته السلاجقة وكيفية ظهورهم على مسرح الأحداث التاريخية ، ووصولهم إلى السلطة ، ثم عرج على موضوعات انعكاسات فكر ناصر خسرو على الصراعات في بلاد المشرق ، و بلاد المشرق في عهد عبد الملك بن عطاش ، و الدعوة الإسماعيلية في بلاد المشرق بعد ابن عطاش ، و ثم دراسة الحسن بن الصباح وجهوده في الدعوة الإسماعيلية وكيفية سيطرته على قلعة الموت ، وبدأ عصر قلعة الموت ، ثم دراسة توسعات الحسن بن الصباح في البلاد .
و قد خصص الفصل الرابع الذي حمل عنوان ( الحملات السلجوقية ضد الإسماعيليين حتى سقوط الموت 483-654 ه / 1090-1256م ) ، تناول دراسة عناوين مختلفة كانت بدايتها عن الحملات السلجوقية بعدها اغتيال الوزير نظام الملك الطوسي ، وتقسيم مراتب الدعوة وإنشاء الفدائية ، و خلافات البيت السلجوقي وتأثيرها على الإسماعيلية ، و نهاية الحسن بن الصباح ، و الصراعات بعد الداعي كيا برزك اميد ، و بلاد فارس بعد (557ه /1162م) والانحرافات العقائدية الجديدة ، و الداعي الحسن الثالث وإعادة العقائد الإسماعيلية ، ثم يختتم الفصل بالداعي ركن خور شاه وسيطرة المغول ونهاية قلعة الموت .
ثانيًا : عرض المصادر
اعتمدت الدراسة على عدد من المصادر والمراجع التي اثرت الدراسة نذكر منها :
اولًا : كتب التاريخ العام :
تعد كتب التاريخ العام من أهم المصادر التاريخية لاحتوائها على العديد من الروايات وذكر للأحداث فنصوصها تؤكد او تنفي حدث معين، لذلك لا يمكن الاستغناء عنها لرفدها بمعلومات قيمة لدراستنا ومنها : كتاب سير الملوك أو سياسة نامة ، لنظام الملك الطوسي (ت: 408ه ) و كتاب تجارب الأمم وتعاقب الهمم ، لابن مسكويه (ت: 421ه ) ، و كتاب الكامل في التاريخ ، لابن الاثير (ت: 630ه ) ، و تاريخ فاتح العالم ، للجويني (ت:658ه ) و البداية والنهاية ، لابن الاثير (ت: 774ه ) ، وغيرها الكثير من المصادر .

The Abbasid Ismaili conflict in the Levant even 1256AD / 654 H

Abstract
The Abbasid state faced intellectual conflicts, which had an impact on the Arab Islamic state. The Ismailis were able to split from the Abbasid Caliphate, so they became a state that began in Morocco and ended in Egypt.
The Ismailis were able to take advantage of Persia for its distance from the center of the Abbasid Caliphate in Baghdad, because it is a land prepared to attract the disputants, to form a mass base in it to support their system and their ideology.
The one familiar with the Ismaili history notes that they were very careful in organizing their da’wah, and how it moved from the role of concealment to the role of publicity.
It is no surprise that we said that the Abbasids’ confrontation with the Ismailis was relatively late, because the Ismailis had no political or advocacy activity, but were small, hidden groups who could not speak out about them.
The problem was a discussion of the reason for the difference in the beliefs from which the Abbasids and the Ismailis started, and that the difference of these beliefs was the reason behind the situation in which intellectual conflicts occurred between the two groups, and what enabled the Ismailis to continue the conflict for a long period of time and gave them strength is the good organization that they distinguished , starting from the secrecy in their movements until they were able to establish a mass base, then they moved to the public, and the secrecy that surrounded the Ismailis had the effect of provoking a dispute about the affiliation of some personalities to them, as happened with the philosopher Ibn Sina, who conflicted accounts about his Ismaili faith, and the matter did not stop with the Ismailis. When differing with the Abbasids in beliefs in a simple way; They took the total distortion of the beliefs in the Seljuk period.
The study aimed to clarify the conflicts that occurred between the Abbasid Caliphate and its splinter states with a different thought than the Abbasid thought represented by the Ismaili thought.
In his research, the researcher followed this chronological method in tracking the conflicts that occurred since the emergence of the Ismailis in Persia until the fall of their last fortresses, as well as adopting the analytical method in analyzing historical texts, and sometimes the researcher followed the approach of balancing texts that mention a specific historical event.
The research is divided into an introduction, a quarter of chapters and a conclusion. The first chapter is to study (Ismailia and its spread in Persia until 334 AH), while the second chapter, which is entitled (Ismailia in Persia, the Buyidian era 334-447 AH), and the third chapter is entitled (Ismailia in Persia in The Seljuk period 447 – 654 AH), and the fourth chapter was devoted to the title (Seljuk Campaigns against the Ismailis until the Fall of Death).
At the conclusion of his research, the researcher concluded that the intellectual conflict is based on the caliphate (the caliphate) from the perspective of the Abbasids and the Ismailis. As for the Ismailis, the caliphate is by text transmitted from the father to the sons. The Ismaili beliefs were also distinguished by their keenness on certain teachings, but after that the beliefs were changed until they reached the abolition of prayer and many Islamic teachings. The conflicts were not limited to the intellectual side only, but also included the political side. The Nizari Ismaili era was characterized by the takeover of the castle of death and other fortresses of the most important pillars, because they entered the midst of political, intellectual and military work, because they had officially established their state in Persia.