الصِّدْقُ الوَاقِعِيّ وَالصِّدْقُ الفَنّيّ فِيْ شِعْرِ ثَقِيْف حتّى نِهَايَةِ العَصْرِ الأُمَويّ

رسالة ماجستير

اسم الباحث : محمّد جاسم محسن محمّد الموسويّ

اسم المشرف : حسن حبيب عزر

الكلمات المفتاحية :

الكلية : كلية التربية للعلوم الانسانية

الاختصاص : اللغة العربية/ادب

سنة نشر البحث : 2023

تحميل الملف : اضغط هنا لتحميل البحث

قليل أولئك النقّاد الأفذاذ الذين اهتمّوا بترسيخ مبادئ الشعر العربي ومقارنته بالقديم، والتزام العمود، وعدم الإسراف في الألفاظ والمعاني، وعلى جانبٍ آخر من هؤلاء النقّاد مَن أُعجب بالنصوص الشعريّة التي قالت بضرورة التحرر من قيود القصيدة القديمة، فكان النقد في بداياته بين التأسيس والدفاع عن القديم، وتعليم الناشئة القول، وبين الدفاع عن كثيرٍ من الظواهر كظاهرة القديم والحديث، والسرقات الأدبيّة، واللفظ والمعنى، وغيرها في خضم هذه التغيّرات، وزحام هذه المقولات أُهملت بعض القضايا النقديّة التي لم تأخذ حقّ مساحتِها من البحثِ في ميدان النقد القديم، ومن هذه القضايا (الصدق الواقعيّ–الأخلاقيّ- والصدق الفنيّ)، فلم يتم التعصّب لها، والتعامل معها بحزم كما في غيرها، ولا نعرف أكان عفويًّا أو لأسباب سياسيّة واجتماعيّة أو غيرها، فكثيرًا من الدراسات لا تعدو أن تعبِّر عن وجهة نظر معيَّنة، فقد رفضوا أبيات وقبلوا أخرى، وأبعدوا شاعرًا وقرّبوا آخر لبيت أو معنى قاله!
أخذتُ على عاتقي جمع ما صحَّ لي جمعه من مقولات النقد العربي قديمه وحديثه، ففي (الصدق الواقعيّ) يُراعي الشاعر فيه نَقْل الحقائق الخارجية، فيتجنَّب الغلط والوهم في الوصف والتشبيه، وعدم مخالفته للأعراف السائدة، والحقائق والقصص التاريخيَّة، وما إلى ذلك، وينضوي تحت هذا النوع من الصدق ما أَسماه بعضهم (الصدق الأخلاقيّ) الذي يرتبط بقِيم أخلاقيّة ينبغي على الأديب أن يتحرّاها، فلا يُزيّف الحقائق الواقعيّة عن قصد وتعمُّد، فيُسمِّي الكريم بخيلًا، والشجاع جبانًا، والفاسق ورعًا، والظالم عادلًا.
فضلًا على ذلك هناك صدق آخر يُعبّر عن ذات النفس يسموه (الصدق الفنّيّ)، وبه يُعبِّر الفنان بإخلاص وصدق عمّا يمرّ به، فهو لا يصدر إلّا عن عاطفة صادقة صحيحة، ويخرج ما دون هذا.
طالبت نفسي قبل الآخر بضرورة الاهتمام بهذَين المفهومَين، وتقديم قراءة نقديّة لهما في تراثنا القديم والحديث، فلم يصادفني بحث تخصَّص بهما، وأزال الغبار عنهما وإنَّما هي محاولات ووجهات نظر؛ لذا انتخبناهما موضوعًا للدراسة، ومعالجتهما في مقولات النقدين القديم والحديث.
إنَّ مفهوم الصدق هو أحد المعايير النقديّة التي اتكأ عليها النقد في مرحلتَيه الأولى –الفطريّة- ومرحلة التأسيس النقدي والبلاغي في القرنَين الثالث والرابع الهجريّين وما تلاهما، ومِن ثمَّ أصبح هذان المفهومان بالمصطلح القار والثابت، يوحي بدلالة ويُشير بإشارة إلى المراد منها، وهو ما حاولنا استثماره في هذه الدراسة.
إنّ العيّنة التي أخذناها هي (شعر ثقيف حتّى نهاية العصر الأمويّ)، أيّ شعر قبيلة ثقيف من العصر الجاهلي حتّى نهاية العصر الأمويّ، واعتمدتُ ما جمعه الأستاذ إسلام ماهر فرج عمّارة، الذي ضمَّ ما لم يُجمع من شعر شعراء هذه القبيلة، واستدرك على بعض المجموع، ثمَّ تناولنا مجموعًا آخر وهو (شعراء ثقيف في العصر الأمويّ) للأستاذ عيضه بن عبد الغفور الصوّاط، علاوة على (ديوان أميّة بن أبي الصلت)، جمع وتحقيق الدكتور بهجت عبد الغفور الحديثيّ، وديوان أبي محجن الثقفيّ بصنعة أبي هلال العسكريّ، ونسخة أخرى جمع وتحقيق ودراسة للدكتور محمّد سَالمان؛ كون الطبعتين تكمل بعضهما بعضًا، ومجموعة من الدواوين الصغيرة لشعراء ثقيف، فضلًا عن مصادر النقد العربي القديم، وبعض الرسائل والأطاريح الجامعيّة.