الهُويّة في أشعار القبائل قبل الإسلام

اطروحة دكتوراه

اسم الباحث : منتهى حسون زيدان الجبوري

اسم المشرف : خميس أحمد حمادي الشمري

الكلمات المفتاحية :

الكلية : كلية التربية للعلوم الانسانية

الاختصاص : اللغة العربية/ادب

سنة نشر البحث : 2023

تحميل الملف : اضغط هنا لتحميل البحث

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءَه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، والصلاة والسلام على رسوله نبي الرحمة، وسراج الأمة، وعلى أهل بيته الأطهار، مصابيح الدجى وأعلام التقى، وعلى صحبه الأبرار الأخيار.
وبَعْدُ؛
فقد حظيت المتون الشعرية للقبائل العربية في عصر ما قبل الإسلام باهتمام رواة الأدب قديمًا بصورة لافتة للنظر، إذ عمدوا إلى جمعها، وتدارس نصوصها، والإفادة منها بوصفها شواهد تمثل عصر الفصاحة، والاستشهاد في مؤلفاتهم اللغوية والأدبية، ثم ما لبثت هذه المتون أن ضاعت مع ما ضاع من التراث الأدبي العربي، وتلاشى ذكرها حتى أخذت المحدثين الغيرة على ذلك التراث، فعادوا إلى البحث، والتحقيق لجمع ما يمكن جمعه منه، وإحياء أمره من جديد؛ حرصًا منهم على ذلك التراث العريق الممثل للانبثاقة الأولى لهُويّتهم الثقافية في عصر باتت الهُويّات الثقافية فيه في حالة صراع دائم؛ لإثبات الجدارة عبر الإشارة إلى كرم المحتد، وسبق التكوين.
ومن هنا فقد جاءت فكرة هذا العمل التي تنصّ على فكرتين رئيستين: تبلورت الأولى منهما بالإفادة ممّا حُقق من متون ضمت أدب القبائل الشعري الذي بقي مطموس المعالم لزمن طويل، ولم ينل ناظموه نصيبهم من الدراسة نظرًا لعدم شهرتهم الكافية التي تكافئ شهرة الشعراء الكبار الذين دفع لمعان أسمائهم في عالم الأدب إلى تعاهد نتاجهم بالدرس، والمتابعة، والبحث المستمر، في الوقت الذي بقي فيه أدب الأقل منهم شهرة بعيدًا عن الأضواء؛ ولهذا عمد جمّاع متون أشعار القبائل إلى عمل النقيض إذ استثنوا نتاج المشهور من الشعراء من عملية الجمع، والتثبيت ممّا جمعوه بوصفه متحققًا مسبقًا، أما الثانية فقد قامت على فكرة الإفصاح عمّا تضمنته تلك المتون من تمظهرات للهُويّة في وقتها، لتكون بطبيعة الحال هُويّة ثقافية في الوقت الحالي، فوسمت الدراسة بعد التشاور مع الأستاذ المشرف بـ(الهُويّة في أشعارِ القبائلِ قبل الإسلام)، ودرست ما في ذلك الشعر من أبعاد أيديولوجية أسست للفعل الواقعي الذي صوّره الشعر، وأظهره بصورة أدبية.
وقد قام البحث على تسعة وعشرين متنًا شعريًا تحت مسمى (شعر، أشعار، ديوان) مع اسم القبيلة، وديوانين خارج هذا المسمى هما: (شاعرات القبائل العربية للمرزباني، وشاعرات العرب في الجاهلية والإسلام لبشير يموت)؛ لقلة شعر النساء في أشعار القبائل أولًا، وتأسيس هذين الديوانين على نظام قبلي مشابه إلى حد ما للفكرة التي انطلقت منها، ولا يفوتني أن أذكر أن هناك شعر مجموع لقبائل أخرى من مثل: (عبس، هوازن، قشير، سُليم، إياد، بني الحارث بن كعب)، تم تخريجه من الدراسة؛ لتعذر الحصول عليه، وتم تخريج ديوانين آخرين هما نساء بني حنيفة، وقضاعة؛ لعدم تجلي الظاهرة المدروسة في الأول، وعدم وجود نسخة موثوقة للدراسة في الثاني.
وتجدر الإشارة إلى وجود دراسة سبقتني حملت عنوانًا مشابهًا للعنوان الذي حملته دراستي، وهي: (الهُويّة في الشعر العربي قبل الإسلام، لمحمود عمر محمد سعيد عبد الله، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الموصل، 1429هـ-2008م)، إلا أنها تتأسس على غير ما تأسست عليه دراستي من منطلقات، فضلًا عن اختلاف العينة، ومن ثم النتائج.
أمّا بخصوص المنهج المتبع فقد حاولت هذه الدراسة الإفادة من أكثر من منهج؛ بسبب طبيعة موضوع الهُويّة المتشعب، الذي يتخلل كثيرًا من جوانب الحياة، فتركت الباحثة للتحليل، وطبيعة النصوص المدروسة حرية اختيار المنهج الذي يراه مناسبًا، فقد كان للنص الشعري السلطة في استدعاء المنهج الذي يرتضيه، وانطلاقًا من هذا الأمر فقد قُسمت الدراسة على ثلاثة فصول تسبقها مقدمة، وتمهيد، وتقفوها خاتمة، وهي كالآتي:
وسم التمهيد بـ(الهُويّة وشعر القبائل في عصر ما قبل الإسلام دراسة في المفهومين والعلاقة بينهما)، وتضمن ثلاثة محاور هي: مفهوم الهُويّة الذي تم فيه التعريف بمصطلح الهُويّة، وكيفية تكونه، وما يحيط بهذا المصطلح بشيء من الإيجاز؛ تجنبًا للتكرار، وإعادة ما تم ذكره في الدراسات السابقة التي اتخذت من الهُويّة منطلقًا لها. ثم دار المحور الثاني حول شعر القبائل قبل الإسلام، وفيه تم التعريف بمصطلح القبيلة، وبذلك الشعر، وأصوله، وما جمع منه، وتضمنته المتون التي عنت بمهمة جمعه. وعنى المحور الثالث بالعلاقة بين الهُويّة وشعر القبائل، متضمنًا بذلك الدوافع التي ربطت بينهما، وأسست لظهور ثيمة الهُويّة في النتاج الشعري للقبائل العربية.
ثم تلاه الفصل الأول الموسوم بـ: (مظاهر الهُويّة في شعر عصر ما قبل الإسلام)، وتضمن بدوره ثلاثة مباحث، أولها: الهُويّة العربية في شعر عصر ما قبل الإسلام، ودار الحديث فيه موثّقًا بالشاهد الشعري حول عوامل قيام الهُويّة العربية، وتجلي صورها فيه. وثانيها: الهُويّة القبلية، وطرق تكونها سواء أكانت قائمة على أساس الفرع العدناني، والفرع القحطاني بوصفها قبلية كبرى، أم هي داخل قبائل الفرع الواحد، وبطونه بوصفها هُويّة قبلية صغرى. وأخيرًا الهُويّة الملتبسة التي أظهرت الهُويّة الفردية غير المستقرة، وتذبذب هُويّة الصعاليك التي أعلن عنها شعرهم.
أما الفصل الثاني فقد تحدث عن: (الهُويّة القيميّة في شعر قبائل عصر ما قبل الإسلام)، وتضمن أيضًا ثلاثة مباحث هي: القيم الخلقية الجمعية في شعر قبائل عصر ما قبل الإسلام، ثم القيم الخلقية الفردية، ثم تصارع الهُويّات في شعر ذلك العصر بأبعاده المختلفة فردية كانت، أم جمعية، ودينية.