حَلَمْ الغبار أو عَنكبوت الغبار الذي يصيب ثمرة نخيل التمر في العراق

أ.م طه موسى محمد منصور السويدي
كلية الزراعة/قسم وقاية النبات

تتعرض شجرة النخيل Phoenix dactylifera L. التي تعد ﻣﻦ أهم النباتات التي تنتمي الى العائلة النخيلية Palmaceae في العراق وفي كل أماكن زراعتها في العالم للإصابة بكثير من الآفات المرضية والحشرية مما تسبب لها بأضرار كبيرة وشديدة, وتشارك مع الكثير من العوامل المختلفة الأخرى بهلاك الكثير منها ,مما يسبب انخفاض كثافتها العددية وإنتاجيتها من التمور والمواد الاخرى, وبالتالي يؤدي الى تقليل أهميتها الاقتصادية .
من الآفات التي تصيبها هو حَلَمْ الغبار Oligonychus afrasiaticus (McGregor) ، إن هذا النوع من الحَلَمْ يشتهر بأسماء محلية فيعرف باسم عنكبوت الغبار في العراق وباسم ابو فروة في الجزائر وباسم ارم في السودان وباسم أحبمبم في مصر وباسم أكاروس الغبار على النخيل في السعودية وبأسم حَلَمْ الغبار على النخيل في اليمن . ووصف حَلَمْ الغبار The old world date mite أول مرة من قبل Mcgregor سنة 1939م باسم Paratetranychus afrasiaticus( McG.) ثم غير الجنس بعد ذلك من قبل Pritchard ,Baker سنة 1955 الى Oligonychus بحيث اصبح الاسم العالمي لحَلَمْ الغبار O. afrasiaticus ( McG.) ، وضع كرانتز Krantz سنة 1978م آخر تصنيف لفوق العائلة Tetranychoidea التي تضم العوائل ذات الضرر الاقتصادي والتي منها عائلة الحَلَمْ الاحمر الاعتيادي Tetranychidae التي يعود اليها جنس حَلَمْ الغبار Oligonychus . وفي دراسة للوجود الموسمي لأدوار الحَلَمْ على النخيل حقليا فوجد الاناث الشتوية Deutogyne بدأت بالظهور على خوص سعف فسائل النخيل وخوص الراكوب واوراق بعض النباتات في الحدائق مثل الاقحوان عندما كانت درجة الحرارة اعلى من 17سͦ ولم يلاحظ وجوده في مرحلة الحبابوك وهي أول مرحلة من مراحل تطور ثمرة النخيل ويعزى الى وجود مادة التأنين في الطبقة القريبة للقشرة الخارجية للثمرة والتي تكسبها الطعم القابض فضلاً عن صلابة القشرة الخارجية ، وعند مرحلتي الجمري والخلال يتركز وجود ادوار الحَلَمْ حول القمع الثمرة ويفرز نسيجة ما بين سويق الشمروخ والقمع ومن ثم يغطي نسيج القشرة الخارجية للخلال مما يعيق العمليات الفسيولوجية ويجعله محافظاً على اللون الاخضر المغطى بالأتربة وجلود الانسلاخ الى نهاية الموسم من دون تحوله الى المراحل الاخرى للثمرة ولاسيما عند اشتداد الاصابة . وصلت ادوار الحَلَمْ الى الذروة في اعدادها في مرحلة الخلال الاصفر لتوفر العوامل البيئية الملائمة من درجة الحرارة ورطوبة نسبية وتوفر المواد الغذائية الاساسية الكافية لتطوره، اذ ان في هذه المرحلة تحصل زيادة سريعة في تراكم السكروز ونقص تدريجي في الحموضة مع زيادة تدريجية في نسبة البكتين القابل للذوبان في الماء ونقص في النسبة المئوية للماء واللون المميز للثمرة فيكون اصفر او احمر لبعض الاصناف وتستمر هذه المرحلة حتى تبدأ الثمار في الارطاب وتبدأ ادوار الحلم بالانخفاض في اعدادها في مرحلتي الرطب والتمر ويعزى السبب في ذلك الى انخفاض في درجة الحرارة والى نقص الغذاء . لقد انخفضت اعداد البالغات الى ادنى حد لها وكذلك اختفت الادوار المتحركة غير البالغة ( اليرقات والحوريات ) تماماً عندما انخفضت درجة الحرارة الى اقل من 17سͦ . تركز وجود البالغات على الثمار المتساقطة وخوص سعف الفسائل النخيل التمر ولنخيل الزينة ( الواشنطونيا) والتي تتميز بعدم مقدرتها على التغذية وعدم مصاحبتها للذكور ويبدو جسمها كانه مغطى بطبقة شمعية بيضاء اللون.
لقلة الدراسات العلمية التي أجريت على هذه الآفة ولوجود آفات أخرى أخذت من اهتمام المختصين في الزراعة والمزارعين من أصحاب البساتين ، مما أدى الى عدم الالتفاف الى الخطأ الشائع في تسمية هذا النوع من الحَلَمْ من قبل المزارعين بل وحتى من المختصين في مجال وقاية المزروعات بتسميته بعنكبوت الغبار ، وتعد هذه التسمية خطأ لغويآ و علميآ في مجال دراسة هذا النوع من الحَلَمْ ، ويمكن توضيح الفوارق المظهرية والمواطن والعادات بين العناكب والتي تعرف بأسم Spiders في حين يعرف الحَلَمْ بأسم Mites وكلاهما يعودان الى شعبة مفصلية الارجل ولكنهما يختلفان في تحت الصف Subclass في الموقع التصنيفي لهما في المملكة الحيولنية ، أذ يعود الحَلَمْ الى القراديات Subclass : Acari بينما العناكب تعود الى العناكب الحقيقية Subclass: Araneae ، وكذلك اختلافهما في الصفات المظهرية ( شكل 1 ) فجسم الحَلَمْ مقسم الى منطقة الجسم الفكي Gnathosoma ومنطقة الجسم Idiosoma ومنطقة مؤخرة الجسمOpisthosoma ، اما جسم العناكب فيقسم الى منطقة الرأس الصدري Cephalothorax والتي تكون منفصلة عن المنطقة الاخرى هي البطن Abdomen بمنطقة العنق Pedicle ، ومنطقة العنق هذه لا توجد في جسم الحَلَمْ الذي يبدو كأنه كيس قطعة واحدة وأجزاء فمه توجد في منطقة الجسم الفكي وتكون بارزه للخارج أما في العناكب في الغالب فتوجد في تجويف داخل منطقة الرأس الصدري وتعتبر العناكب من آكلات اللحوم في حين الحَلَمْ متنوع التغذية وعدد الارجل لبالغات الحَلَمْ أربع أزواج ماعدا عائلة الحَلَمْ الاريوفي Family: Eriophyidae فلها زوجين من الارجل .
وقد يكون الاشكال الوحيد في هذه التسمية ، هو أنه أحيانآ قد يتواجد كل من الحَلَمْ والعناكب في وقت واحد على اشجار النخيل ، ويكون النسيج العنبكوتي الذي يتواجد على أجزاء النخلة المختلفة هو من مظاهر أعراض الاصابة بهما ولكن نتناسى بأن العناكب قد تتواجد على شجرة النخيل و تتغذى فقط على الآفات الحيوانية المختلفة المتواجدة على النخيل لكونها آكلات اللحوم ، اما حَلَمْ الغبار فيفرز نسيجه العنكبوتي على ثمار النخيل ويغرز أجزاء فمه فيها ليمتص المواد الغذائية الذائبة مما يعيق العمليات الفسيولوجية لها مما يؤدي عدم تحولها أو تطورها لمراحل النمو الاخرى من مراحل نمو ثمرة النخيل ، لذا وجود هذا النسيج العنكبوتي قد يكون هو سبب هذا الاشكال في التسمية دون الانتباه لمصدره سواء أكان حَلَمْ أم عناكب ومما يؤيد هذا الاستنتاج وجود النسيج العنكبوتي على عذوق ثمرة النخيل المصابه بحَلَمْ الغبار بوجود العنكبوت أم من عدمه بالإضافة الى عدم الالمام بأن بعض أجناس عوائل الحَلَمْ تفرز نسيج عنكبوتي.
لذا تعد تسمية حَلَمْ الغبار بعنكبوت الغبار خاطئة علميآ سواء أكانت من قبل المختصين أم المزارعين المحليين للأسباب التي ذكرت آنفاً.