المضادات الحياتية Antibiotics

أ.م. د. بان موسى حسن
كلية التربية للعلوم الصرفة

لمحة تاريخية History
صاغ مصطلح التضاد الحيويAntibiosis أول مرة عالم الاحياء المجهرية الفرنسيFuolemin وهو يعني ضد الحياة واطلقه اسماً وصفياً لهذه الظاهرة التي أظهرتها العقاقير الطبية.
أما اول من وصف المضاد الحيوي Antibiotic فهما العالمان لويس باستور وروبرت كوخ عام 1877 عندما لاحظا ان عصية محمولة في الهواء يمكن ان تمنع نمو عصيات الجمرة الخبيثة , تلاهما العالم الالماني ميشانكوف Metchnikoff عام1899 الذي اشار الى استعمال البكتريا التابعة لجنس Lactobacillus في علاج الزحار الأميبي هذه الادوية اطلق عليها العالم الامريكي Waksman 1942 م◦ أسم المضادات الحيوية.
بدأت قصة العلاج الكيميائي بالمضادات الحيوية كعلم في المانيا أواخر القرن التاسع عشر على يد الدكتور (ايرليخ) Eurlek وبعد العديد من التجارب واستخلاص العديد من المواد ضد مختلف الكائنات الحية اكتشف عقار طبي أسماه Salvarsan ولكن باءت تجاربه بالفشل عند تجربة العقار بسبب الاثار السلبية لذلك العقار .
وفي عام 1928 م◦ جاء الإكتشاف الأهم من العالم الاسكتلندي الكسندر فلمنك Alexander fleming الذي لاحظ أن مزارع بكتريا Staphylococcus aureus الملوثة ببعض الفطريات توقف نموها وتحللت خلاياها نتيجة لنمو الفطر Penicillium notatum وأفرازه لبعض المواد السامة التي أسماها البنسلين penicillin, ان هذه المادة تملك قابلية الذوبان والانتشار في وسط الاكار, وانه من الممكن الحصول عليها من مزرعة العفن. واثبتت الدراسات أنها غير سامة ويمكن استخدامها في العلاج, ولكنه لم يستطع تنقية هذه المادة, لذلك لم تعرف الامكانات العلاجية للبنسلين الا بعد مرور أكثر من عشرة أعوام, بعد ان أهتم كل من العالمين ﺁرنست جاين Ernest chein وهوارد فلوري Heward flory بعمل فلمنك fleming , فتم انتاج الشكل المنقى من البنسلين الذي ابدى نشاطا” مضادا” ضد مجموعة واسعة من البكتريا المرضية , مع سمية منخفضة جدا” للمضيف اذ يمكن تعاطيه دون آثار جانبية ضارة , وبهذا تقاسم العلماء الثلاثة جائزة نوبل في الطب عام 1945 وأصبح البنسلين أساساً لعلاج الكثير من الأمراض المعدية خلال القرن العشرين ولفت الأنظار اليه كمادة يمكن أنتاجها على المستوى الصناعي لغرض استخدامها في المجال الطبي .
المفهوم العام للمضادات الحياتية General concept of antibiotic
تعد المضادات الحيوية أحد نواتج الأيض الثانوي التي تنتجها أحياء مجهرية معينة في أطوار متأخرة بعد ان يصل نموها الى طور الثبات stationary phase والذي يعرف أيضا” بطور الأنتاج production phase أو Idio phase ومع أن هذه المركبات ليس لها دور وظيفي في نمو الكائن المجهري المنتج لها الا أن لها دور هام لبقاء هذا الكائن عندما يواجه ظروف بيئية صعبة وتعد المضادات الحياتية أكثر الادوية شيوعا” لعلاج الأنسان من معظم الأمراض المعدية او مضاعفاتها ويصفها البعض بأنها (معجزة العقاقير) لأنها تستخدم في علاج الامراض البكتيرية التي عانت منها البشرية طويلا” مثل السل والتهاب الاغشية السحائية والزهري , العدوى بالبكتريا ,كما تم أكتشاف مضادات حيوية اخرى تستخدم لعلاج الزحار الأميبي والامراض الفطرية وتضاف مضادات حياتية جديدة باستمرار الى قائمة المضادات المكتشفة .
وهي تختلف عن المنتجات الأيضية الأولية بكونها تتجمع في الوسط الزرعي بكميات أكبر وهي تنتج بشكل خليط من مواد متقاربة كيميائيا” فهناك على سبيل المثال عشرين نوعاʺ من البنسلين Penicillin وعشرين نوعاʺ من الستريبتومايسين Streptomycin وتنتج كل مجموعة من هذه المواد بوساطة أحياء مجهرية متقاربة من بعضها تصنيفيا” ويمكن للسلالات المنتجة أن تفقد قابليتها على أنتاج مضادات الحياة بسهولة عن طريق أنحطاط انتاجية السلالة Starin degeneration
عرف العالم Waksman عام 1945 المضادات الحياتية بأنها مواد تنتجها كائنات حية دقيقة تثبط نمو كائنات دقيقة أخرى في وسط مخفف جداً مستبعداً المواد الطبيعية الأخرى التي تقتل الكائنات الدقيقة ولكن لا تنتجها كائنات حية دقيقة مثل عصارة المعدة وبيروكسيد الهيدروجين H2O2 كذلك استبعد المركبات الصناعية المضادة للجراثيم مثل Sulphonamide ولكن مع تقدم علم الكيمياء الطبية أصبحت معظم المضادات الحيوية شبه صناعية ومعدلة كيميائيا” مع مركبات أصيلة موجودة في الطبيعة وللمضادات الحياتية العديد من الخصائص التي تميزها عن بعضها البعض ,كالمصدر الذي انتجت منه ,كذلك اختلاف مدى نشاطها على الأحياء الدقيقة الممرضة لذلك فانها تصنف الى ثلاث مجاميع على أساس المصدر:
-1 طبيعية المنشأ مثل مضادات β-lactam ومنها البنسلين penicillin .
-2 نصف تركيبية مثل امينوكليكوسايد Aminoglucoside .
-3 تركيبية وهي التي تنتج بوسائل صناعية بحتة مثل S.oxazolidinone
يختبر العلماء كل عام العديد من المواد المايكروبية الطبيعية والمواد المحورة كيميائيا” لإمكانية استخدامها كمضادات حيوية فيتم اختبار هذه المواد في البداية ضد الأحياء المجهرية الممرضة على نطاق واسع باستخدام حيوانات التجارب وأذا لم تحدث اثار ضارة على الحيوانات يجرب المضاد على الأنسان ثم يتم انتاجه تجاريا.
تنتمي المضادات الحيوية الى مجموعة واسعة من المركبات المضادة للأحياء الدقيقة وتستخدم لعلاج الاخماج التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة بما في ذلك البكتريا المرضية والفطريات والطفيليات والعديد منها ذات جزيئات صغيرة نسبيا” مع كتلة جزيئية أقل من 2000 وحدة دالتون وهي تصنف الى مجموعتين واسعتين وفقاً لتأثيرها في الكائنات الحية الدقيقة:
-1 العوامل القاتلة للبكتريا Bactericidal agents .
-2 العوامل المثبطة للبكتريا Bacteriostatic agents .
المضادات الحياتية مواد سامة انتقائيا” اي انها ضارة للبكتريا الممرضة (المسببة للمرض ) ولكنها عادة لا تتلف خلايا الأنسان وعلى أساس الطريقة التصنيفية للعالم الدانماركي Hans gram الذي صنف الأخماج البكتيرية على أساس تلونها بصبغة تدعى صبغة غرام حيث صنفها الى ايجابية غرام Gram positive وسالبة غرام Gram negative فأن بعض المضادات الحياتية تكون أكثر فاعلية ضد الأخماج المتسببة عن البكتريا الموجبة لصبغة غرام G+) ) وبعضها الاخر له فاعلية اكثر ضد الأخماج المتسببة عن البكتريا السالبة لصبغة غرام ( G- ) ويطلق على أي من هذين النوعين اسم المضادات محدودة الطيف Narrow Spectrum ولكن هناك مضادات حيوية مختلفة لها مجال فاعلية واسع تسمى المضادات الحيوية واسعة الطيفSpectrum Broad لتعالج الاخماج الناتجة عن البكتريا الموجبة والسالبة لصبغة غرام .
ألية عمل المضادات الحيوية Antibiotic mechanisum
تؤثر المضادات الحيوية في الأحياء المجهرية المرضية بتداخلها مع العمليات الحيوية لخلاياها فبعض المضادات البكتيرية لها تأثير كابح لنمو البكتريا Bacteriostatic بينما يقضي البعض الاخر على البكتريا (قاتل للبكتريا) Bactericidal .
فالبنسلين مثلا” يعد من المضادات الحيوية القاتلة للبكتريا كونه يتداخل في عملية بناء الجدار الخلوي البكتيري ويحصل ذلك في المرحلة الأخيرة من بناء الجدار والمتمثلة بربط الببتيدات السكرية وتحديدا” الحامضين الامينيين Alanine و Glysineأ ذ يفصل الحامض الاميني الطرفي Alanine
بفعل أنزيم Transpeptidase وبذلك يصبح الجدار الخلوي البكتيري فاقد للروابط العرضية بين ببتيداته السكرية مما يحدث خللاʺ مورفولوجياʺ يتمثل بحدوث وهن في صلابة الجدار الخلوي ومع زيادة كتلة البروتوبلاست للخلية فأنه يؤدي الى انفجارها (Rhee and Gardiner ,2004 ) ,كما تؤثر مضادات حياتية اخرى في غشاء الخلية البكتيريةcell membrane فتسبب فقدان الغشاء النفاذية الاختيارية permeability لحركة المواد الداخلة والخارجة من الخلية وهذا يؤدي الى خروج المغذيات الحيوية من الخلية أو دخول المواد السامة التي تتسبب في تحلل الخلية .
أو قد تسبب بعض المضادات الحيوية اضطراباً في العمليات الكيميائية فتحول دون تكاثر البكتريا أو تخليق البروتينات والحوامض الامينية الضرورية لحياتها وانتاج الطاقة , وتقتل بعض المضادات الحيوية البكتريا عن طريق ايقاف بعض أنشطتها الحيوية مثل بناء أنزيم هام أو جزء معين من أجزاء الخلية
العوامل المؤثرة في انتاج المضادات الحيوية Effective factors in antibiotic production
هناك عدة عوامل يمكن ان تؤثر في انتاج المضاد الحيوي من قبل الكائنات الحية المجهرية ومنها :
-1 كمية اللقاح Inocula : تحتاج عملية انتاج المضادات الحيوية الى كميات كبيرة من لقاح الكائن المجهري المنتج للمضاد الحيوي وكلما زادت كمية اللقاح زادت الانتاجية وتشير بعض المصادر الى ان الطريقة المثلى لتحضير اللقاح هي استخدام طور انتاج السبورات Sporulation stage وعملية انتاج المضادات على المستوى التجاري يتطلب توفير ظروف محكمة لأنها تتضمن تلقيح مخمرات سعتها 50 مᶟ وبوزن مقداره 5-3 طن
-2 درجة الحرارة Temperature : تعتمد درجة الحرارة الملائمة لانتاج المضاد الحيوي على نوع الكائن المنتج فهي في الغالب تعد نفس الدرجة الملائمة لنموه فغالبية الانواع البكتيرية تكون الدرجة الملائمة لانتاجها للمضاد الحيوي هي 37 م◦ أما في حالة الفطريات فهي تتراوح بين 27 – 25 م◦
-3 المواد المغذية Nutritious matrix : ٳن انتاج المضادات الحيوية يعتمد بالدرجة الاساس على توفر المواد المغذية التي يمكن ان يستخدمها الكائن المنتج في الوسط وبخاصة مصادر الكربون والنتروجين ومستوى الفوسفات.
-4الاس الهيدروجينيي pH : يعد استقرار pH الوسط التخمري من العوامل المهمة في انتاج المضادات الحيوية من الكائنات المجهرية وهي غالبا” ما تضبط حسب الأس الهيدروجينيpH الملائم لنمو الكائن المنتج والصعوبة هنا تأتي من كيفية التحكم بمكونات الوسط الزرعي بما لايؤدي الى حدوث تغيير كبير في الأس الهيدروجيني للوسط ,يشير البعض الى أمكانية أضافة منظمات لدرجة الاس الهيدروجيني مثل كاربونات الكالسيوم او فوسفات الكالسيوم اللذان يعملان ضد تكون المادة الحامضية أو القاعدية في الوسط ودرجة الحموضة الملائمة لنمو البكتريا وانتاج المضادات الحياتية هي المتعادلة أو المائلة قليلا” نحو القاعدية في حين أنتاج المضادات من الفطريات يكون في الأوساط التخمرية المائلة قليلا” نحو الحامضية .
توصيف المضادات الحيوية Antibiotic Identifecation
هناك صفات مختلفة يمكن أن يعتمد عليها لتوصيف المضادات الحيوية ومنها :
-1 الصفات البايولوجية Biological characteristics وهي تتضمن :
-a حساب الجرعة المؤثرة في النصف ED50)) Effective Dose 50 وهي كمية المضاد المعطى بطرق مختلفة للحيوان (عن طريق الفم و الحقن بالوريد و الحقن بالعضلة والحقن تحت الجلد ) التي تتسبب في أحداث تغييرات مرضية في النظم الحيوية ل50 % من عدد الحيوانات المعاملة بالمضاد محسوبة بالملغرام /كغم وزن حيوان .
-b الجرعة القاتلة للنصف Lethal Dose 50(LD50) التي تعرف بأنها كمية المضاد المعطى للحيوان بطرق مختلفة (عن طريق الفم و الحقن بالوريد و الحقن بالعضلة والحقن تحت الجلد ) والتي تؤدي الى قتل 50 % من الحيوانات المعاملة بهذا المضاد بعد مدة زمنية محددة محسوبة بالملغرام /كغم وزن حيوان .
-2 الصفات المايكروبايولوجية Microbiological characteristics
وهي تشمل الاتي:
-a حساب الفعالية التضادية للمضاد تجاه العوامل الحيوية الممرضة (بكتريا و فطريات وطفيليات )
-b حساب التركيز المثبط الادنى (MIC) Minimal Inhibitory Concentration ويعرف بأنه أقل تركيز من المضاد يؤدي الى تثبيط نمو البكتريا المستهدفة .
-c حساب التركيز القاتل الأدنى (MBC) Minimume Bactericidal Concentration وهو أقل تركيز من المضاد يتسبب في قتل البكتريا .
-d دراسة تأثير بعض العوامل في فعالية المضادات مثل الدالة الحامضية وتركيز بعض الأيونات وحجم اللقاح .
-3 قابلية الذو%D