اسم الكاتب (المؤلف) :
م.حوراء علي حسين
الكلية: كلية القانون
أولاً : تعريف العنف الأسري
يعرف (العنف الأسري حسب ما ورد في نص المادة الأولى من مسودة قانون مناهضة العنف الأسري لسنة 2019هو كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بأي منهما ، يرتكب داخل الأسرة ، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي ، والأسرة هي مجموعة الأشخاص الطبيعيين وتشمل الزوج والزوجة والإخوة والأخوات لكلا الزوجين والدا الزوجين والشخص المشمول بالوصاية والقيمومة او الضم ومن كان في كنف الأسرة ) ،نلاحظ إن التعريف للعنف الأسري لا يشمل من هم في علاقات رسمية كالطلاق والانفصال ، ويعتبر العنف بأنه نمط من أنماط السلوك يتضمن إيذاء الآخرين ويكون مصحوبا بانفعالات و هو كل فعل أو تهديد به يتضمن استخدام القوة بهدف إلحاق الأذى والضرر بالنفس أو الآخرين وبممتلكاتهم أي بمعنى استخدام القوة المادية أو المعنوية لإلحاق الأذى بالآخر استخداما غير مشروع او امتناع عن فعل،إن أهم أسباب العنف الأسري في المجتمعات هو قلة الوعي الديني وسوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة وغياب ثقافة الحوار والتفاهم داخل الأسرة وسوء الاختيار وعدم التناسب بين الزوجين في مختلف جوانب الحياة ،وظروف المعيشة خاصة في الوقت الحالي كالفقر والبطالة وتتمثل جرائم العنف الأسري، في الوقت الحالي بالكثير من الجرائم وهي الشتم والسب والاحتقار وتعنيف الأطفال وإجبارهم على العمل في سن مبكر وتعرضهم للضرب المبرح من قبل ذويهم والطرد وحرق الزوجة نفسها بسبب ضغط النفسي وقتل الأب أطفاله وقتل الزوجة زوجها ، والتشهير والابتزاز من قبل الزوج لزوجته وقتل الشقيق لأخته الشقيقة غير المتزوجة بدافع معاناته ضغوطات نفسية بسبب عدم توفر فرص العمل تهميش دور البنت داخل الأسرة، مصادرة حريتها في ابسط الحقوق وهو ما تعانيه مجتمعات الإسلام في الوقت الحالي ، ويا حبذا لو يتم توسيع تعريف العنف الأسري ليشمل العنف النفسي أيضا وليس فقط الجسدي بصفته نزوع نحو السيطرة أو سلوك ينطوي على إكراه أو تهديد أو تصرف متعمد له تأثير خطير على السلامة الشخصية يقوم على الإكراه والتهديد ، بناء على ما تقدم يمكن تعريف العنف الأسري بأنه ( أي استخدام للقوة أو السلطة أو تهديد نفسي أو أي إساءة جديدة خارجة عن الحد المسموح به قانونا وشرعا بالنسبة للأطفال بما للشخص من ولاية أو وصاية وقيمومة أو سلطة تجاه شخص آخر في رعايته مما تلحق به أذى معنوي أو مادي أو جسدي )، ما نلاحظه في الوقت الحالي كثرة حالات الانتحار وكثرة حدوث القتل بين الأقرباء وانتهاك الإنسانية إلى ابعد الحدود بالإضافة إلى جرائم تعنيف الأطفال من خلال الضرب المبرح أو القتل أو التشريد، هناك من يفسر ضرب الأبناء من قبل التأديب ونحن نبين انه فيما يتعلق بتأديب الأب لأبنائه فالأصل إباحة تأديب الصغار إذ يحق للأب تأديب أولاده الصغار الذين هم دون البلوغ وللمعلم أيا كان مدرسا أو معلم حرفة تأديب الصغير وللجد وللوصي تأديب من تحت ولايتهما ،وللام حق التأديب على إذا كانت وصية على الصغير او كانت تكفله لكن يشترط في تأديب الأطفال ما يشترط في تأديب الزوجة فيجب أن يكون التأديب لذنب فعله الصغير لا لذنب يخشى أن يفعله وان يكون الضرب غير مبرح متفقا مع حالة الصغير وسنه وان يتقي المواضيع المخوفة من الجسم كالوجه والرأس والبطن وان لا يتجاوز في عدد الضربات عن الثلاث وهو القدر الكافي وان يكون الهدف منه تأديب الطفل ، وألا يضرب ضرب فاحشا بان يكسر العظم أو يخرق الجلد ويسوده أي أن يكون هنالك رفق لا يتعدى إلى الانتقام والغضب لان المقصود هو التأديب وليس الهلاك متى تجاوز الأب ذلك أصبح معنفا لأطفاله وما نلاحظه في الوقت الحالي فان تأديب بعض الأبناء لأبنائهم يصل إلى حد الموت ‼‼،وهناك من يعرض أطفاله للخطر أي في حالة تركه في الشارع إذ تعريض الطفل للخطر أو التخلي عنه هو نبذ أو إبعاد أو ترك أي شخص عاجز عن حماية نفسه في وضع أو مكان لا يوجد فيه من يتولى معونته أو رعايته قانونا ، إذ يمكن اعتبار ترك الطفل وتعريضه للخطر من قبيل أعمال العنف الأسري كل فعل من أفعال العنف البدني والجنسي والنفسي والذي قد يودي بحياة الطفل أو يعرضها للخطر لما ينطوي عليه ، من الم بدني أو معنوي شديد أو معاناة شديدة أو أضرار بليغة بجسد الطفل كما تندرج سوء معاملة الطفل أو إبداء القسوة تجاه الطفل على كل فعل من شانه إنزال الأذى والمعاناة عليه بشكل متعمد وغير مبرر إذ يشمل سوء المعاملة الإهمال أو السلوك المرتكب من قبل الوالدين أو الأوصياء، في نهاية النبذة المختصرة عن العنف الأسري إن ما تم ذكره هو بعض الحالات التي تعد من قبيل العنف الأسري اذ يوجد الكثير من الأسئلة التي يمكن طرحها، مثل: هل اوجد المشرع العراقي حلولاً لهذه الظاهرة؟ هل توجد عقوبات كافية وصارمة للحد منها ؟ وهل توجد ضمانات في باقي التشريعات مثل قانون العقوبات العراقي والقانون المدني وقانون رعاية القاصرين وهل هي كافية ؟
ثانيا : موقف التشريع العراقي
توجد مسودة قانون مناهضة العنف الأسري لسنة 2019 الذي يتضمن أحكام جزائية أشار إليها الفصل السادس من القانون في نص المادة 21 وهي الغرامة والحبس لمن يستخدم العنف ضد من هم تحت ولايته وكذلك تم الإشارة في الفصل الثالث إلى تشكيل مديرية حماية الأسرة تتولى تنفيذ المهام المنصوص عليها في هذا القانون وهي مهمة البحث والتحقيق في شكاوى العنف الأسري ، كما أشار المشرع في الفصل السادس من القانون في نص المادة 21 الفقرة الثانية يعاقب بالغرامة التي لاتقل عن 3000000 ولاتزيد على 5000000 في حالة إذا ارتكبت الجريمة من الفروع على الأصول أو إذا كان الضحية صغيرا أو حدثا أو كبير السن أو حاملا أو من ذوي الإعاقة أو خرق قرار الحماية باستخدام العنف ضد أي من المشمولين به وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة واحدة ) ويمل العنف ضد الصغير مثل إجبار الأطفال على العمل والتسول وترك الدراسة والانتحار اثر العنف الأسري ،لكن ما ورد في النص أعلاه غير كافي لتوفير الحماية إذ بإمكان من كان موسر الحال دفع الغرامة وتكرار الفعل ضد المعنف ، ولتوفير الحماية الكافية لهم يمكن الاستناد على ما أشار إليه المشرع العراقي في المادة (18) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 (لمديرية رعاية القاصرين طلب تحريك الدعوى الجزائية ضد المكلف برعاية القاصر إذا أساء معاملته وعرضه للخطر وما ذكره في الفقرة الثانية إيذاؤه المتعمد أو جرحه للصغير أو الحدث كما حدثت واقعة في الوقت الحالي في العراق (أم تنحر ابنتها صاحبة عمر ثمان سنوات ) ،إذ إن من الحقوق الطبيعية التي يقرها قانون الأحوال الشخصية لأي طفل هو حقه في الحضانة والنفقة والرعاية والتربية والتعليم إذ أن الأحكام الخاصة برعاية الطفل انه يعتبر واجب الرعاية للام والأب والمقصود هو بالرعاية هو الاهتمام بالطفل ومعاملته معاملة حسنة والنفقة وتربيته تربية سليمة ففي حالة إساءة معاملة الطفل من قبل الأب أو الأم وتعنيفه فانه يولد لديه أمراض نفسية نتيجة ما يوجهه من عنف اسري داخل نطاق الأسرة إذ أن الإساءة للطفل تشكل جريمة إذ فعل الإساءة يتمثل في الاعتداء الخطر والمتوحش الموجه ضد جسد الطفل او نفسيته كالجروح والحروق والعزل وأفعال الحرمان من الحقوق الأساسية والتي تندرج تحت وضع التعذيب البدني أو النفسي ،أما فيما يتعلق بحق المعلم بتأديب تلاميذه أيضا يجب ألا يتجاوز ما هو مقرر شرعا ،لذلك قضت محكمة النقض المصرية بان التأديب المباح شرعا لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسرا أو جرحا ولا يترك أثرا ولا ينشا عنه مرض كان يربط والد ابنته ربطا محكما في عضديها احدث عنه غنغرينا سببت وفاتها فهذا تعذيب شنيع وقع تحت طائلة المادة (200/1) ، هل يمكن تقييد حرية شخص أجاز القضاء ذلك لكن بشرط ألا يكون فيه تعذيب أو منع حركة أو إيلام للبدن ،أما جرائم القتل والمقصود بالقتل ( هو إزهاق روح إنسان أو إعدام حياته بإحدى الوسائل التي تؤدي لذلك ، ويقصد به إحداث وفاة الغير إرادي ، بالرغم من تضمن قانون العقوبات نصوص تجرم القتل لكنه تضمن في نفس الوقت انتهاكات لحقوق المرأة بوجه عام والحقوق الإنسانية بوجه خاص ، ،وأيضا أشار القانون في الفصل السابع من نص المادة (24) إلى إمكانية تطبيق أحكام قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 وقانون الأحداث رقم 76 لسنة 1983 إذ توجد نصوص في قانون العقوبات العراقي رقم 11 لسنة 1969 تجرم بعض الأفعال والتي بدورها تمثل العنف الأسري على سبيل المثال وليس الحصر وألا هي كثيرة أشار إليها قانون العقوبات العراقي في المواد (376-380)، وفرض عقوبة لكل فعل، وبالرغم من حملات المجتمع المدني اتسمت جهود الحكومة بالقصور في معالجة والحد من جرائم العنف الأسري بالرغم من تشكيل مديرية حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري في وزارة الداخلية منذ عام 2009 فلا زالت الخدمات الطبية والقانونية وبرامج الإرشاد النفسي والاجتماعي وخبرات مقدمي الخدمات والعاملين في هذا المجال تتسم بالضعف ، لذا لابد من إقرار مسودة قانون مناهضة العنف الأسري لعام 2019 للحد من مظاهر العنف الأسري والقضاء على أسبابه وحماية للأسرة وأفرادها ،إذ إن ما تم ذكره من نصوص متفرقة في بعض القوانين غير كافية للحد من انتشار مظاهر العنف الأسري .