منذ أن بدأ الفيروس التاجيcovid 19) ) بالظهور, وهو يشكل تحدياً كبيراً, وخطراً حقيقياً, ليس على حياة الناس وصحتهم فحسب, وإنما شملت آثاره السلبية نواحي الحياة, في الجوانب الرئيسة منها, مثل الصحة والاقتصاد والبيئة, فضلاً عن آثاره في ميادين أخرى. حتى نمط العلاقات الاجتماعية, راح يستجيب مجبراً لحكم هذا الوباء الكبير, الذي كان انتشاره سريعاً ومرعباّ دافعاً بالناس من أجل حماية أرواحهم للقبول بالبقاء بين جدران المنازل, وتطبيق التباعد الاجتماعي, في الحالات الضرورية التي تتطلب النزول إلى الشارع. ولم يكن في اليد سوى التعلق بأمل أن ينجح الباحثون من العلماء والخبراء الكبار ما بوسعهم من أجل السيطرة عليه, او التقليل من انتشاره. فكان أن عملت مراكز الأبحاث العالمية المتعددة منذ اللحظات الأولى على فهم سلوك هذا الفيروس. وقد كان أكثر الآراء شيوعاً يتمثل في ذلك الفهم الشائع, والذي يذهب إلى أن أغلب الفيروسات تنشط في فصل الشتاء وتضمحل صيفاً, كما هو حال الفيروسات الشائعة والموسمية, التي تكون سبباً في نزلات البرد, والتي تكاد تنتهي صيفاً مع الارتفاع في درجات الحرارة. وقد تم العمل على المقارنة بين منطقتين: الأولى في أمريكا بدرجة حرارة (9مْ) , والأخرى في تايلند في درجة (37مْ), وقد تبين أن انتشار الفايروس في الأولى يساوي أربعة أضعاف المنطقة الثانية. ولعل من أهم التجارب والأبحاث في هذا الميدان, هو ما تمثل بعمل كل من قاسم بخاري ويوسف جميل، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. إذ أنهما عملا على تحليل حالات المرض الناجم عن الفيروس COVID-19 ووجدوا أن 90 ٪ من الإصابات في نطاق المنطقة الواقعة بين 37.4 و 62.6 درجة فهرنهايت (3 إلى 17 درجة مئوية) ورطوبة مطلقة من 4 إلى ٩ ( ). و (يتم تعريف الرطوبة المطلقة بمقدار الرطوبة الموجودة في الهواء، بغض النظر عن درجة الحرارة) ( ) . ولقد وجد الباحثان في بداية ظهور الفايروس أن الدول ذات الأجواء الحارة تنتقل فيها تأثيرات الفيروس بصورة قليلة مقارنة مع الدول ذات المناخ البارد, كما هو حال المقارنة بين دول افريقيا و أوربا, لكننا شهدنا أحياناّ وفي بعض المناطق الحارة أن الفيروس ينتشر بشكل كبير وخطر, كما هو الحال في مناطق الخليج العربي, وربما –وقتها- كان اسرع انتشاراّ مما هو عليه في بعض مناطق روسيا الباردة.
لقد ذهبت التوقعات إلى ان فصل الصيف هو الذي سيشهد بداية السيطرة على تفشي الفيروس, وتعلقت آمال منظمة الصحة العالمية على ذلك, كما هو الحال أيضا في الدول الفقيرة وذات النظام الصحي المتخلف, لأن حجم التأثير لا يتناسب مع امكانياتهم الصحية المتاحة. و كان التوقعات في العراق تسير في الاتجاه ذاته, لكن هذه الآمال سرعان ما انتهت بزيادة عدد الاصابات في المناطق الحارة, عكس ما حصل في عدد من الدول الأوربية التي تتميز بمناخ معتدل أو بارد. والتساؤل المطروح الآن هل أن حجم الاصابات صيفاً ستكون أقل مقارنة بفصل الشتاء, أم ستختلف من منطقة الى أخرى, حسب الامكانيات الصحية لكل دولة. لكن هنالك حقيقة لا يمكن تجاهلها, وعمر ظهور الفيروس يقترب من العام وهي إن الوقاية تبقى أفضل ما يمكن ان نعمل عليه في مواجهة هكذا فايروس, مثلما كانت هي عامل النجاح في الصين, فينما كانت هي مهد ولادة ونمو وانتشار فايروس كورونا, نجدها اليوم تكاد لا تسجل إصابات تذكر, في أغلب الأيام.
المصادر:
قاسم بخاري ويوسف جميل، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، كامبريدج، الولايات المتحدة الأمريكية إصدارات الهندسة المدنية والبيئية، 20/3/2020 https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3556998
2 -ابراهيم بن سليمان الأحيدب، المدخل إلى الطقس والمناخ والجغرافيا، جامعة محمد بن سعود الإسلامية,الرياض.387.
م. م. محمد طاهر الطائي/ كلية التربية للعلوم الإنسانية/ قسم الجغرافيا التطبيقية.