م . حوراء عزيز الموسوي
كلية القانون / جامعة كربلاء
القانون الرياضي وليد البيئة الرياضية, والرياضة مارسها الانسان منذ اقدم العصور فعُرفت تبعاً لذلك قواعد خاصة بها . ويدُلنا التاريخ على ان المسابقات الرياضية قد مورست بأشكال مختلفة في جميع الحضارات القديمة . واصبح النشاط الرياضي في الوقت الحاضر محل اهتمام شريحة كبيرة من افراد المجتمع بفئاته العمرية المختلفة , لما تحققه من اهداف متنوعة . ويتولى المشرع في كل مجتمع اصدار قواعد قانونية بهدف تنظيم نشاط محدد فيه , غير ان المشرع الرياضي لم ينظم النصوص القانونية التي تخص النشاط الرياضي في قواعد موحدة , بل كانت وما زالت مبعثرة تتوزع في جملة من الانظمة الخاصة بمختلف انواع الرياضة . ويمكن ان يستقيم هذا الحال بالإقرار بالحاجة الى ميلاد فرع جديد من فروع القانون الخاص له طابع دولي ألا وهو القانون الرياضي الذي ينظم كل ما يتعلق بالرياضة والرياضيين ويجمعها في احكام قانونية مستقلة . الامر الذي يتطلب تكثيف الجهود لوضع نظام قانوني شامل للقانون الرياضي والبحث عن حلول مقبولة للمشكلات القانونية التي تثار في اطاره , وهذا يقودنا الى تحديد هذا الاطار وفقا للمقترحات الآتية :
1 – ان اول ما يجب ان نقف عنده هو نطاق القانون الرياضي . وبهذا الصدد يمكن وضع نظريتين متميزتين يرتبط بهما تحديد موضوع نطاق القانون الرياضي . تتمثل الاولى بالنظرية الذاتية وبمقتضاها ان قانون الرياضة هو قانون الاشخاص الذين يحترفون النشاط الرياضي . بينما تتمثل الثانية بالنظرية الموضوعية , وقانون الرياضة وفقا ًلها هو قانون النشاط الرياضي .
2 – اذا ما سلّمنا بفكرة القانون الرياضي ينبغي تحديد مصادر القانون الرياضي والتي تتمثل بمجموعة من التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية , على ان يقترن بالأعراف والتقاليد والمبادئ الاخلاقية والمُثل العليا التي يُرجع اليها عند افتقاد النص التشريعي الرياضي .
3 – تعزيز الصلة بين القانون الرياضي وسائر فروع القانون الخاص الاخرى , كالارتباط الوثيق بينه وبين القانون المدني , فالأنشطة الرياضية تأخذ عموما في الكثير من جوانبها صيغ العقود النموذجية . كذلك عمق الصلة بينه وبين القانون التجاري , اذ ان الدعاية والإعلان عن المنافسات الرياضية اصبح ميداناً رحباً للربح والاستثمار , والترويج لها وبيع التذاكر من تطبيقات الاعمال التجارية , فهي اعمال تنصب على تسلية الجمهور لقاء عوض مالي , لأنها تتضمن فكرة المضاربة على خدمات الاشخاص واعمالهم وتنطوي على شراء بقصد البيع . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة ( 5 /7 ) من قانون التجارة العراقي النافذ رقم 80 لسنة 1984 . كما ان تحديد اهلية اللاعب وانتقاله ضمن الاندية الاقليمية والدولية يُبرز جلياً التقارب بين القانون الرياضي والقانون الدولي الخاص , حيث يثير مسالة تحديد القانون الواجب التطبيق عندما يشوب العلاقة عنصراً اجنبياً .
4 – اعتماد معيار موضوعي يتحدد على اساسه التسليم باعتبار هذا النشاط او ذاك رياضيا .
5- عند التفكير بتشريع قانون رياضي يتطلب اقرار نظام قانوني خاص باللاعب وهو اداة الرياضة وهدفها , وبعض الاشخاص الذين هم على صلة باللاعب , كالمدرب الرياضي والطبيب او المعالج الرياضي وخبير التغذية والمساج , ولا يفوتنا تحديد المركز القانوني للمتفرجين ( الجمهور ) من ناحية حقوقهم او التزاماتهم عند حضورهم الملعب .
7- لا يمكن تصور الكلام عن القانون الرياضي دون التطرق الى تحديد المسؤولية المدنية للاعب وحقوق التعويض المترتبة له او عليه عند الاصابة الرياضية , كذلك تحديد مسؤوليته الجزائية والادارية وهو ما يدعو الى وضع العقوبات المناسبة التي يتعرض لها اللاعب عند مخالفته اصول اللعب .
8 – التأكيد على استقلال القانون الرياضي بتفرده بقضاء تحكيمي خاص وهو يناسب المنازعات الرياضية الدولية وتعزيزه بتقنية التحكيم الالكتروني للاستغناء عن العنصر البشري.
9– اذا ما قبلنا المقترحات اعلاه فان آخر ما يجب ان نقف عنده هو الدعوة الى تدريس القانون الرياضي في كليات القانون وكليات التربية البدنية وعلوم الرياضة كمقرر اختياري على الاقل .