متابعة وتطبيق أهداف التنمية المستدامة

م.د. أمين عواد كاظم
كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم الجغرافية التطبيقية

تعتبر الأمم المتحدة المكان الذي يجمع دول العالم لطرح مشاكل البشرية واتباع الدراسات والطرق العلمية لحلها. وللعراق وباقي دول المنطقة فرصة ذهبية يمكن أن توفر لهم إمكانات النهوض في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية من خلال تطبيق أهداف التنمية المستدامة (The Sustainable Development Goals (SDGs، وهي عبارة عن سبعة عشر هدفاً عالمياً مترابطًاً، مصممة لتكون “مخططًا مشتركاً للسلام والازدهار للناس والكوكب، الآن وفي المستقبل”(1). تم وضع أهداف التنمية المستدامة في العام 2015 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة UN-GA ويهدف إلى تحقيقها بحلول العام 2030. وهي مدرجة في قرار الأمم المتحدة للجمعية العامة المسمى خطة عام ،2030 أو ما يعرف باسم أجندة 2030. تم وضع أهداف التنمية المستدامة في جدول أعمال التنمية لما بعد العام 2015 كإطار التنمية العالمي المستقبلي ليخلف الأهداف الإنمائية للألفية التي انتهت في عام 2015. وتؤكد أهداف التنمية المستدامة على الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية المترابطة، من خلال وضع الاستدامة في مركزها.
طريقة التطبيق الفعلي
للجامعات إمكانيات فريدة للمساعدة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، إذ إنها ضرورية لتوفير المعرفة والابتكارات والحلول، وخلق المنفذين الحاليين والمستقبليين، ولتوفير القيادة عبر القطاعات في التنفيذ المحلي والوطني والعالمي. إن لمعهد موناش للتنمية المستدامة (MSDI) دوراً رئيسياً في إعداد دليل جديد رئيسي لتسريع التعليم من أجل أهداف التنمية المستدامة، وقد أطلقته مؤخراً شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة(SDSN) (2). يهدف الدليل إلى إلهام وتمكين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي لتزويد المتعلمين بالمعرفة والمهارات والعقليات للمساهمة في حل تحديات التنمية المستدامة في العالم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) ، بغض النظر عن مسارهم في الحياة. هناك حاجة إلى توسيع قدرة المجتمع بشكل كبير على حل التحديات المعقدة. مع بقاء ثمان سنوات فقط على الموعد النهائي لعام 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والفهم المتزايد للحاجة الملحة للتصدي لتغير المناخ، والمشاكل البشرية، لذلك هناك حاجة لجميع التخصصات لهذا العمل. وهناك جانبان يمكن اتباعهما لتطوير الجانب الأكاديمي من حيث قدرات التدريسين وطلبة الدراسات العليا، وكذلك تطوير المناهج العلمية في جميع التخصصات وـقسام الجغرافية والعلوم الإنسانية بشكل خاص، وهما:
أ‌- تبني أهداف التنمية المستدامة التي لها علاقة بالتعليم، لاسيما الهدف الرابع (SDG 4) والذي ينص على جودة التعليم، وهو من بين أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. والعنوان الكامل لهدف SDG 4 هو “ضمان التعليم الجيد الشامل والمنصف وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”. يحتوي الهدف 4 على عشر غايات يتم قياسها بواسطة أحد عشر مؤشراً (انظر الشكل “1”). يسعى هذا الهدف لبناء المزيد من المرافق التعليمية، وتحديث المرافق الحالية، لتوفير بيئات تعليمية آمنة وشاملة وفعالة للجميع. ويمكن للجامعات أن تلعب دوراً مهماً في توطين أهداف التنمية المستدامة عملية حيوية لتسريع تنفيذ هذه الأهداف، مع ضمان “عدم التخلي عن أحد”. فمن خلال تعريف الناس أكثر بأهداف التنمية المستدامة، في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والبيئية على أرض الواقع، والالتزام بسماع آرائهم عند اتخاذ القرارات، نضمن إحداث التغيير واستدامته. ويعني بتوطين أهداف التنمية المستدامة وجود دور أساسي على الجهات الفاعلة والمؤسسات (الحكومية وغير الحكومية على المستوى المحلي ومنها الجامعات) أن تلعبه في صياغة هذه الأهداف وتنفيذها ومتابعتها. وهذه المنهجية من القاعدة إلى القمة ستعزز شعور الحكومات المحلية بالمسؤولية حيال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع الاستفادة من الشبكات الموجودة، والمجتمعات المحلية، والمجتمع المدني

شكل رقم 1: غايات ووسائل تنفيذ الهدف رقم 4 من أهداف التنمية المستدامة
ب‌- الدراسات الجغرافية وضرورة نقل تركيزها على أهداف التنمية المستدامة:
تتصف الدراسات الجغرافية بنها تركز على علاقة الانسان وما يحيط به وهذا هو محور أهداف التنمية المستدامة 17. إذا اطلعنا بشكل سريع على تقارير وزارة التخطيط العراقية السنوي لتحقيق اهداف التنمية السنوي سنجد ان هذه التقارير تفتقر الى توفير المؤشرات في الكثير من الأهداف. والمؤشرات هي دراسات تبين مدى تقدم او تأخر التنمية في القطعات التي لها علاقة بالإنسان والغريب بالأمر. إن جميع أقسام الجغرافية تعتمد على مؤشرات أهداف التنمية المستدامة في موضوعاتها. إذ تركز الدراسات الجغرافية البشرية مثلاً على دارسة السكان، وخصائص النمو، وكثافته، والأيدي العاملة، ودخل الفرد. وكذلك تخطيط المدن، وطرق النقل، ونشاط الصناعة والزراعة والتجارة. أما الجغرافية الطبيعية فهي تركز على المناخ والسطح والتربة والمياه والبيئة. فاذا اعتمدنا الدراسات الجغرافية في التحقيق وقياس انجاز أهداف التنمية المستدامة سيكون هناك تطوير واضح للبحث العلمي في الأقسام الإنسانية وقسم الجغرافية بشكل خاص من خلال التالي:
⦁ تشجيع الباحثين على دراسة أهداف ومؤشرات التنمية المستدامة سيجبرهم على مواكبة طرق البحث العلمي عالمياً
⦁ يمكن للأمم المتحدة أن تقدم دعماً للباحثين لتطوير مهاراتهم من خلال عقد دورات خاصة لذلك، وفتح مراكز لها في الجامعات، أو دورات “أونلاين” تساعد الباحثين على استخدام التقنيات الحديثة.
⦁ ستضمن الأمم المتحدة أن المؤشرات دقيقة والنتائج حقيقية.
⦁ الحكومة العراقية ستكون أمام متابعة أكاديمية علمية حقيقية مستقلة هدفها حل مشاكل العراق قبل العام 2030، بما يعزز من فرص تطوير العمل والتنمية.

المصادر:
United Nations (2017) Resolution adopted by the General Assembly on 6 July 2017 -1 Work of the Statistical Commission pertaining to the 2030 Agenda for Sustainable Development.  (https://documents-dds-ny.un.org)
Monash Sustainable Development Institute (MSDI) is looking for an outstanding new – 2 Director | HESD – Higher Education for Sustainable Development portal (2022). Available at: https://www.iau-hesd.net/news/4727-monash-sustainable-development-institute-msdi-looking-outstanding-new-director.html (Accessed: 29 September 2022). –