ماذا تعرف عن الأستمطار الاصطناعي؟

كرار محمود شاكر : دكتوراة في الأحياء المجهرية.
أ.م.د.محمد فنوخ / دكتوراة في الكيمياء الصيدلانية.
كلية الصيدلة
يوجد على الأرض % 2.5 فقط من المياه العذبة، منها % 1.75 على شكل أنهار جليدية ومسطحات جليدية. في الماضي كان هناك ماء في كل جزء من العالم تقريبا ولكن الآن مع تزايد عدد السكان و استهلاك المياه بشكل كبير وغير منظم وكذلك التوزيع غير المتكافئ لهطول الأمطار في المناطق المختلفة في العالم أدى كل ذلك إلى انخفاض الموارد المائية المتاحة في الخزانات المائية في جوف الأرض وكذلك الأنهار. وتعتبر ظاهرة شحة المياه تهديدا كبيرا للبشرية في المستقبل مما دفع العلماء والباحثون الى البحث عن طرقا علمية تزيد من معدل هطول الأمطار خاصة في تلك المناطق التي تكون فيها المياه شحيحة (FAO 2021 )
وفقا لمنظمة ً اليونيسف العالمية ، يعيش 2.3 مليار شخص تحت ضغط شحة المياة و يعيش 733 مليون شخص منهم في مناطق تعاني من شحة المیاة لدرجة حرجة. زيادة إنتاجية المياة تؤدي إلى زيادة معدل النمو في القطاع الزراعي و الصناعي وهذا يؤدي إلى التقليل من الأخطار الناجمة عن التغيرات البيئية وزيادة عدد السكان في العالم ، التي تقدر بأن تصل في عام 2050 الى اكثر من 10 مليار نسمة) UNICEF, 2021 ) .
مع شحة المياة وقلة الأمطار وزيادة عدد سكان العالم يبدو إن تقنية الأستمطار الأصطناعي هي أحد التقنيات لحل وإدارة مشكلة الموارد المائية التي تنعكس نتائجها سلبا على القطاعات الحياتية المهمة مثل الزراعة والصناعة والتغذية في العالم .
ما هو الأستمطار الأصطناعي ؟
هي عملية إنتاج أو زيادة المطر من خلال التحفيز الاصطناعي للسحب والغيوم عن طريق حقنها بعوامل خارجية مثل ثاني أكسيد الكربون المجمد أو مركب يوديد الفضة أو غيرها من المواد الكيميائية المناسبة بواسطة الطائرات أو الصواريخ حيث تعمل هذه المواد كبذور تساهم في تحفيز وأستمطار السحب والغيوم لأسقاط محتواها من المياه أو الأمطار المتجمدة على مناطق جغرافية محددة) Badran A, Mansoori, 2020) .

شكل1: مخطط الأستمطار الأصطناعي

اختراع تقنية الأستمطار الأصطناعي ؟
تعود جذور أول تجربة لعملية لأستمطار السحب مختبريا إلى عام 1946 وعام 1947 حيث تمكن الباحثان فونيغت و شايفر من أجراء أول عملية أستمطار ناجحة وكانا يعتقدان أن أفضل مركبين لتحفيز الأستمطار هما يوديد الفضة ويوديد الرصاص (Niwas, Ram, 2022 ( . منذ ذلك الحين بدأت مراكز الأبحاث المختلفة بتوسيع الدراسات والأبحاث على استخدام تقنية الأستمطار الأصطناعي للحد من خطورة الجفاف ومشكلة شحة المياة ومن أبرز هذه الدول أستراليا والولايات المتحدة الأميركية حيث تعد من الدول الرائدة في هذا المجال، كما يوجد أكثر من من أربعين دولة على مستوى العالم تطبق عملية الاستمطار وحقن السحب من أجل تعديل المناخ أو تحسين مواردها المائية، ومن أبرز هذه الدول الصين وروسيا وتايلند.


شكل 2 : العالم شايفر، أثناء تجربة الأستمطار الأصطناعي

يعتقد الكثير من العلماء في مجال البيئة أن تقنية الأستمطار الأصطناعي من الممكن أن تساهم في ايجاد حلول تساعد على التعامل مع البيئات الجافة ، زيادة كثافة الغطاء النباتي والسيطرة على العواصف الترابية ، والحد من البرد ، وإخماد حرائق الغابات ، وإعادة ملء السدود وزيادة مخزون المياه الجوفية لاستخدامها مستقبلا.
كما أن من مساؤها المثبتة علميا هي المخاوف من التأثير بشكل عكسي على الطقس وأرتفاع نسبة المواد الكيميائية في الهواء ، وسرقة الأمطار من الغيوم من قبل بعض الدول قبل دخول المجال الجوي لدول أخرى وكذلك من الممكن أن تنتج مشاكل في التحكم في طقس الرقعة الجغرافية المستهدفة مستقبلا ، ومن الصعب استهداف السحابة بدقة للحقن أو البذر الكيميائي وأنخفاض نسبة نجاحها بنسبة تصل إلى 10 % فی بعض الظروف البيئية .

بعض طرق حقن الغيوم المستخدمة بتقنية الأستمطار الأصطناعي

الطريقة الأولى حامل عبر الهواء
الطريقة الأكثر شيوعا لخصوبة لحقن هي استخدام الطائرات لإطلاق الخزانات الملحية المحفزة للسحب أو الغيوم حيث تحتوي هذه الخزانات على ملح (المغنيسيوم وكلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم او يوديد الفضة )) ( Biswas,1971 .
تحتوي السحب في الغلاف الجوي على كتلتين هوائيتين – السحب العلوي والامتداد السفلي. تسقط الكرات إلى الجزء العلوي وتتركز كتلة الجزء العلوي حول بلورة الملح وتعلق عليها و نتيجة لذلك تتم عملية الأستمطار . شكل رقم 4

الطريقة الثانية حامل من الأرض
الطريقة الثانية لحقن السحب وتحفيز الأستمطار الاصطناعي هي أطلاق الصواريخ الحاملة للخزانات الملحية المحفزة من الأرض بأتجاه السحب والغيوم بدلا من إسقاط خزانات الملح من الطائرات إلى السحب . شكل رقم 3
الطريقة الثالثة : استخدام تقنية النانو
تتضمن التقنية الجديدة حقن السحب والغيوم من خلال بلورات الملح المطلية بجسيمات ثاني أكسيد التيتانيوم النانوية، يتم حقن هذه البلورات في السحب الموجودة لجعل جزيئات المطر أكثر كثافة وزيادة فرصة الأستمطار الأصطناعي مقارنة مع طرق الأستمطار التقليدية .

الشكل 3: تقنية حقن السحب والغيوم بالخزانات الملحية بواسطة حامل من الأرض(الصواريخ ).

الشكل 4 : تقنية حقن الغيوم والسحب بالخزانات الملحية بواسطة حامل عبر الهواء ( الطائرات )

بعض التجارب العربية لتقنية الأستمطار الاصطناعية في العراق ودول المنطقة

يعتبر العراق من أول دول المنطقة التي حاولت تطبيق تقنية الأستمطار الأصطناعي والأستفادة من هذه التقنية في التسعينات من القرن الماضي حيث أستهدفت المحاولات المناطق الزراعية في محافظة كركوك والموصل من خلال استخدام نترات الأمونيوم ألا أن توقفت المحاولات بعد فترة من الزمن دون أن تحقق نتائج تذكر . على مستوى العالم العربي اليوم تعدّ الأمارات والأردن والسعودية والمغرب وعُمان من أكثر دول المنطقة تطبيقا لتقنيات الاستمطار والتجارب الخاصة بها، وأطلقت الإمارات مشروعا دوليا لأبحاث علوم الأستمطار ، يهدف بالدرجة الأولى على تركيز الضوء على علم الاستمطار والتقنيات الخاصة به وتطبيقاتها داخل الإمارات وخارجها، ويهدف أيضا إلى زيادة معدلات الأستمطار في الإمارات والمناطق الجافة وشبه الجافة الأخرى.
حقائق عن تقنية الأستمطار الأصطناعي
استخدمت وزارة الدفاع الأمريكية الأستمطار الاصطناعي خلال حرب فيتنام لزيادة هطول الأمطار وإغراق البلاد حتى لا تتمكن القوات المقاومة من استخدام بعض طرقها لمواجهة القوات الأمريكية .
ينتمي أكبر نظام حقن السحب والغيوم في تقنية الأستمطار الأصطناعي في دولة الصين .
تنتج الصين 55 مليار ملم3 من الأمطار الاصطناعية سنويا وتخطط لزيادة ذلك خمسة أضعاف.
استخدمت طريقة حقن السحب والغيوم بواسطة خزانات ملحية لتوليد أمطار اصطناعية قبل دورة الألعاب الأولمبية لعام 2008 مباشرة بهدف إزالة تلوث الهواء.
في الولايات المتحدة ، يتم استخدام حقن السحب والغبوم تحفيز لزيادة الأستمطار في المناطق المعرضة للجفاف وتقليل حجم حبوب البرد في العواصف الرعدية وتقليل كمية الضباب في المطارات وحولها.

الخاتمة
مع وجود التحديات المناخية في العالم بشكل عام والمنطقة والعراق بشكل خاص وتوجه أغلب دول المنطقة لأستخدام تقنية الأستمطار الأصطناعي كما فعلت الأمارات والسعودية والأردن في الأشهر الماضية كيف ستكون التغيرات المناخية في بلدنا في حال أستمرت دول الخليج بتطوير التقنية وأستمطار السحب قبل دخولها الأجواء العراقية ؟ وما هي الأستراتيجيات الدولية التي سيتخذها العراق لدراسة أستخدام هذه التقنية والحفاظ على نسب الأمطار اللازمة للحفاظ على بيئة مناخية أكثر توازنا نأمل أن تكون هنالك أستراتيجيات سريعة لدراسة سلبيات وأيجابيات هذه الظاهرة على مناخ بلدنا الحبيب بالتنسيق مع الجامعات والخبراء البيئة في العراق.

References
1- FAO. Tracking water to make the most of it | FAO Stories | Food and Agriculture Organization of the United Nations, 2021.

2- Badran A, Mansoori Al H. Cloud Seeding in the UAE Research Paper, 2020.

3- Niwas R, Khichar ML, Kumar A, Rani S. Artificial Rain Making Effectiveness, Does Cloud Seeding Really Work?. AkiNik Publications New Delhi. 2022;41:29.

4- Biswas KR, Dennis AS. Formation of a rain shower by salt seeding. J.Appl. Meteor. 1971;10:780-784.

5- Flossmann AI, Manton M, Abshaev A, Bruintjes R, Murakami M,
Prabhakaran T et al. Review of advances in precipitation enhancement
research. Bulletin of the American Meteorological Society.
2019;100(8):1465-1480. https://doi.org/10.1175/ BAMS-D-18-0160.1.

6- Malik S, Bano H, Rather RA, Ahmad S. Cloud Seeding; Its Prospects
and Concerns in the Modern World –A review, Int. J. Pure App. Biosci.
2018;6(5):791-796. doi: http://dx.doi.org/10.18782/2320-7051.6824

7- UNICEF. Water Security for Allwater-security-for-all.pdf (unicef.org),
2021.