إدارة الأدوية أثناء صيام شهر رمضان

م. زهراء علاء حسن الحسيني
كلية الصيدلة
يحتفل حوالي 2 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم بشهر رمضان المبارك كل عام (1, 2). هناك رغبة قوية من قبل المسلمين للمشاركة في صيام الشهر الفضيل، حتى من قبل الافراد الذين لديهم استثناءات بسبب الأمراض المزمنة التي يعانون منها. وبالتالي، لا يزال العديد يختارون الصيام ولا يكشفون عن ذلك لأخصائيي الرعاية الصحية، حتى لو كان ذلك يعرض صحتهم للخطر. وبالمثل، قد يصر بعض الأطفال أيضا على الصيام، على الرغم من أنهم عادةً ما يصومون لجزء بسيط من اليوم. يبدأ كل يوم من أيام شهر رمضان مع الفجر بالوجبة المعروفة بـ(السحور) والتي تتضمن ما يكفي من الغذاء والماء للحفاظ على الفرد على مدى يوم طويل من الصيام. وعند غروب الشمس، تكسر العائلات صومها معاً خلال وجبة المساء الاحتفالية المعروفة بإسم (الإفطار)، والإفطار عادة ما يكون غنياً بالسعرات الحرارية ويتم تناوله مع كمية كبيرة من السوائل سواءاً العصائر الطبيعية، العصائر الاصطناعية، المشروبات الغازية أوالمشروبات الساخنة (3, 4).

كيفية إدارة الأدوية في شهر رمضان
يسمح الإسلام للمسلمين الذين لايستطيعون الصيام بسبب مرضهم بالإعفاء من الصيام، ومع ذلك فإن العديد من الافراد المصابين بأمراض مزمنة يستمرون بالصيام. تمثل رعاية المرضى الذين يصومون شهر رمضان مهمة فريدة لمتخصصي الرعاية الصحية، بما في ذلك الصيادلة، فالأفراد الذين يتناولون الأدوية المزمنة يحتاجون إلى تعديل جداول الأدوية بحيث يمكن تناولها بين وجبة الإفطار المسائية (غروب الشمس) ووجبة السحور الصباحية (الفجر). يمكن أن تؤثر هذه التعديلات على تركيز الدواء، وبالتالي، فعاليته (5). بالنسبة للأدوية التي يتم تناولها عدة مرات خلال اليوم، تشمل الاستراتيجيات الموصى بها اختيار تركيبات طويلة المفعول (على سبيل المثال، Sustained released) أو تغيير أنظمة الجرعات إلى مرة أو مرتين يوميًا.
تتوفر الأنظمة المقترحة أعلاه لحالات مزمنة معينة، بما في ذلك مرض الباركنسون وأمراض الغدة الدرقية وأمراض القلب أو للحالات قصيرة الأجل التي تتطلب العلاج، مثل المضادات الحيوية لبعض حالات العدوى أو العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيرويدية للالام حيث من الممكن اخذها على شكل جرعة واحدة يومياً (6, 7). على الرغم من وجود بعض الاختلافات المذهبية في إمكانية أخذ أشكال الجرع الدوائية (غير الفموية) كالحقن والاستنشاق وقطرات العين والأذن إلا أنه عادةً ما يتجنب الصائمون استخدامها اثناء فترة الصيام (8). أظهر أحد الاستطلاعات أن 58%–64% من المرضى المسلمين يقومون بتغيير طريقة استخدامهم للأدوية اثناء شهر رمضان، كإيقاف أخذ الأدوية؛ الجمع بين جرعات متعددة في جرعة واحدة؛ وتغيير نوع الدواء أو شكله أو وقته أو جرعته (9).
مرض السكري هو واحد من الحالات الأكثر تحدياً لإدارته خلال شهر رمضان، والمرضى الذين يعانون من مرض السكري تتطلب مراقبتهم بدقة. معظم المرضى المسلمون المصابون بداء السكري من النوع الثاني وما يقرب من نصف المرضى المصابين بالنوع الأول يصومون شهر رمضان. حيث وجدت مراجعة منهجية أن الصيام ممكن لدى مرضى السكري، حتى لو كانوا يعتمدون على الأنسولين (10). ومع ذلك، يمكن أن يزيد الصيام من خطر نقص السكر في الدم والحامض الكيتوني السكري (11).
يفضل أن يأخذ المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة نصائح بشأن صيام شهر رمضان من طبيبهم المختص ، وفيما يتعلق بتغيير جدول الأدوية، هناك حاجة لتفعيل دور الصيدلي السريري في إعطاء الاستشارة المناسبة واقتراح أشكال جرعات بديلة للأدوية المختلفة مع الأطباء من أجل مساعدة المرضى بشكل صحيح وصيام شهر رمضان بأمان (2).

دور الصيادلة
يجب على الصيادلة، على وجه الخصوص، جعل المرضى أكثر وعياً بكيفية تسهيل إدارة الدواء خلال شهر رمضان وتحديد أي شخص لا يستطيع القيام بذلك بأمان (12). يجب تقديم المشورة لجميع المرضى الذين يعتزمون الصيام قبل شهر رمضان حول التغيرات في توقيت الدواء وجرعاته، والتغيرات الغذائية، وأنماط النشاط البدني ودور المراقبة الذاتية من قبل المريض او اقربائه وخاصة أثناء الأعراض الحادة. خلال شهر رمضان، هناك احتمال متزايد أن دواء واحد قد يتداخل مع آخر بسبب الفترة المتقاربة بين أوقات اخذ الادوية مما قد يسبب بعض التفاعلات الدوائية السامة، لا سيما لدى المرضى المسنين وبالتالي، يوصى بالمراقبة المتكررة للأدوية ذات المؤشر العلاجي الضيق (narrow therapeutic window) (13).
بشكل عام، قد تؤدي هذه التفاعلات الدوائية إلى انخفاض أو زيادة تأثير الدواء، تأخر مفعول الدواء أو عدم فاعلية الدواء.
بالنسبة لحالات معينة مثل الصداع النصفي، يجب إيلاء اهتمام دقيق لتجنب المحفزات، مثل تذكير الأفراد بضرورة تناول وجبة السحور، وشرب كميات كافية من الماء في ساعات المساء والبقاء بعيداً عن الحرارة إن امكن ذلك. بالنسبة للأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، يجب على مقدمي الرعاية الصحية تثقيف مرضاهم لتجنب الجفاف، ومراقبة ضغط الدم بانتظام ومراقبة علامات انخفاض ضغط الدم مثل الدوخة والدوار (4). مرضى السكري الذين يقومون بتعديل أدويتهم بدون استشارة هم أكثر عرضة لحالات نقص السكر الشديد في الدم خلال شهر رمضان. بالمقارنة، يمكن للتعليم الفردي خلال شهر رمضان مساعدة المسلمين الذين يعانون من مرض السكري من النوع 2 لانقاص الوزن وتحسين نسبة السكر في الدم (9, 14, 15).
وبعبارة أخرى، هناك الكثير من الفرص لدعم المرضى المسلمين خلال شهر رمضان، ولكن لدينا جميعا الكثير لنتعلمه حول كيفية القيام بذلك بأمان.

الصيام من قبل المسلمين أثناء المرض يمكن أن يسبب مشاكل طبية إذا لم يكن تحت إشراف الأشخاص المختصين في الرعاية الصحية. المرضى الذين يعانون من أمراض طفيفة عادةً لا يكون لديهم أي مشاكل عند الصيام بينما أولئك الذين يعانون من حالات حادة أو مزمنة قد يحتاجون إلى استشارة حول تغيير نظام الجرعات. الأدوية التي عادةً ما تكون مطلوبة أن تؤخذ لأكثر من مرة خلال النهار يمكن أن تسبب مشكلة للمرضى خلال فترة الصيام. ومع ذلك, فإن تزايد توافر الأدوية البديلة ذات الفاعلية الطويلة قد توفر الصيام الامن لدى بعض المرضى. إن تثقيف الصيادلة وغيرهم من مقدمي الرعاية الصحية حول الثقافة الإسلامية، وخاصة رغبة المرضى القوية في الصيام، قد يؤدي إلى قيام المسلمين بإدارة أدويتهم بشكل أفضل والنظر إلى الصيادلة وغيرهم من مقدمي الرعاية الصحية كمقدمي رعاية صحية أكفاء وذوي خبرة.

المصادر

1. Mohamed GA, Car N, Muacevic-Katanec D. Fasting of persons with diabetes mellitus during Ramadan. Diabetologia Croatica. 2002;31(2):75-84.
2. Alshehri AM, Barner JC, Wong SL, Ibrahim KR, Qureshi S. Perceptions among Muslims regarding fasting, medication use and provider engagement during Ramadan in the United States. The International Journal of Health Planning and Management. 2021;36(3):945-57.
3. Patel NR, Kennedy A, Blickem C, Rogers A, Reeves D, Chew‐Graham C. Having diabetes and having to fast: a qualitative study of British Muslims with diabetes. Health Expectations. 2015;18(5):1698-708.
4. Grindrod K, Alsabbagh W. Managing medications during Ramadan fasting. Canadian Pharmacists Journal/Revue des Pharmaciens du Canada. 2017;150(3):146-9.
5. Gomceli YB, Kutlu G, Cavdar L, Inan LE. Does the seizure frequency increase in Ramadan? Seizure. 2008;17(8):671-6.
6. Damier P, Al-Hashel J. Recommendations for the treatment of patients with Parkinson disease during Ramadan. JAMA neurology. 2017;74(2):233-7.
7. Raza SA, Ishtiaq O, Unnikrishnan A, Khan AA, Ahmad J, Ganie MA, et al. Thyroid diseases and Ramadan. Indian journal of endocrinology and metabolism. 2012;16(4):522.
8. Khalife T, Pettit JM, Weiss BD. Caring for Muslim patients who fast during Ramadan. American family physician. 2015;91(9):640-2.
9. Salti I, Bénard E, Detournay B, Bianchi-Biscay M, Le Brigand C, Voinet C, et al. A population-based study of diabetes and its characteristics during the fasting month of Ramadan in 13 countries: results of the epidemiology of diabetes and Ramadan 1422/2001 (EPIDIAR) study. Diabetes care. 2004;27(10):2306-11.
10. Alabbood MH, Ho KW, Simons MR. The effect of Ramadan fasting on glycaemic control in insulin dependent diabetic patients: A literature review. Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews. 2017;11(1):83-7.
11. Aravind S, Tayeb KA, Ismail SB, Shehadeh N, Kaddaha G, Liu R, et al. Hypoglycaemia in sulphonylurea-treated subjects with type 2 diabetes undergoing Ramadan fasting: a five-country observational study. Current medical research and opinion. 2011;27(6):1237-42.
12. Almansour HA, Chaar B, Saini B. Fasting, diabetes, and optimizing health outcomes for Ramadan observers: a literature review. Diabetes Therapy. 2017;8:227-49.
13. Aslam M, Assad A. Drug regimens and fasting during Ramadan: A survey inKuwait. Public health. 1986;100(1):49-53.
14. McEwen LN, Ibrahim M, Ali NM, Assaad-Khalil SH, Tantawi HR, Nasr G, et al. Impact of an individualized type 2 diabetes education program on clinical outcomes during Ramadan. BMJ open diabetes research & care. 2015;3(1).
15. Tourkmani AM, Hassali MA, Alharbi TJ, Alkhashan HI, Alobikan AH, Bakhiet AH, et al. Impact of Ramadan focused education program on hypoglycemic risk and metabolic control for patients with type 2 diabetes. Patient preference and adherence. 2016:1709-17.