تأثير الكحول الأثيلي (الإيثانول) على جسم الإنسان

   أ.م.د. رشا عبد الأمير جواد

   كلية التربية للعلوم الصرفة –قسم علوم الحياة 

يطلق مصطلح الكحول على جميع المركبات التي تحتوي على مجموعة الهيدروكسيل مرتبطة بسلسلة هيدروكربونية مفتوحة أو حلقية. ولقد تم استهلاك الكحول بصورة شائعة في عصور ما قبل التاريخ, من قبل الشعوب المختلفة في العالم. وقد تم اعتبارها  شراباً مكملاً للطعام اليومي, كما استخدمت من أجل النظافة, أو لأغراض طبية, فضلاً عن آثارها  المهدئة. وكانت قد بينت دراسة الفحوصات والتحليلات الكيميائية لآثار محفوظة في أوان خزفية في شمال الصين أن عدداً من المشروبات المخمرة تم إنتاجها قبل حوالي 9 آلاف سنة, وهي في التاريخ  نفسه الذي بدأ فيه تصنيع الكحول في الشرق الأوسط. هذا فضلاً  عن وجود العديد من الألواح الطينية والآثار الفنية في بلاد ما بين النهرين, والتي اظهرت أشخاصاً يستخدمون القصب للشرب في أوان كبيرة (1). إن الاستخدام الطبي للكحــول في الكتابات السومرية والمـصـرية المؤرخة كانت قد ظهرت منذ سنة 2100 قبل الميلاد . إن الاعتدال في تناول الكحول يقلل الإصابة بمرض السكر والقلب والجلطة الدماغية والكوليسترول السيءLDL. ويعد الكحول الأثيلي (الإيثانول) EthanoL من أكثر أنواع الكحول شهرة وأكثرها سمية، صيغته الكيميائية C2H5O4 وهو مركب قطبي يكون الأواصر الهيدروجينية بين جزيئاته ويحتوي على مجموعة (OH) التي تعمل على تزايد التماسك للروابط, إذ تمثل المجموعة الوظيفية. وهو سائل عديم اللون وقابل للتطاير عند درجة الحرارة العالية, ويمتزج مع الماء ومع العديد من المذيبات العضوية, كما أنه لاذع الطعم وقابل للاشتعال, إذ يحترق بلهب أزرق عديم الدخان, ويعد مذيباً جيداً للعديد من المواد الدهنية والزيوت المهمة. و الإيثانول هو المادة الأساسية المكونة لمختلف أنواع الخمور, إذ أنه المسؤول عن الأثر السمي الناجم عن تعاطي المشروبات الكحولية. واستخدم الكحول الأثيلي في منتصف القرن الثامن عشر مادة مذيبة في الصناعات الدوائية ومادة مطهرة موضعية, فضلاً عن دخوله في صناعة العطور, أو الإفادة منه كوقود للمحركات الميكانيكية (2). وله القابلية على إذابة العديد من المواد الفعالة في النباتات مثل القلويدات والفلافونات والتانينات والتربينات والفينولات والسيترولات, ويتكون الايثانول عن طريق تخمر السكريات الأحادية السداسية بفعل الخمائر أو بكتريا التعفن كما في المعادلة الآتية:-

C6H12O2 ® 2CH3 CH2OH + 2CO2

ويمتص الكحول الأثيلي بسرعة عن طريق المعدة والأمعاء ويتوزع بعد الامتصاص عن طريق الدم إلى جميع الأعضاء والأنسجة ويمر بشكل رئيسي في الكبد خلال الشريان الكبدي ليتحول الى الأستيل الديهايد Acetaldehyde ثم الى حامض الأستيك Acetate(الخليك) ثم الى الماء وثاني أوكسيد الكاربون .

لللإيثانول تأثيرات متعددة على جسم الإنسان منها تأثيره على الجهاز القلبي الوعائي, فهو مسرع لضربات القلب ويوسع الأوعية الاكليلية والأوعية المحيطة في الوجه والأطراف مما يسبب في التروية الدموية وارتفاع في درجة الحرارة والتعرق, ويؤدي أيضاً إلى حدوث الذبحة الصدرية الناجمة عن تأثير التثبيط الحراري وبصورة أكبر من التأثير الموسع الوعائي إذ يؤدي إلى هبوط درجة الحرارة الجسم وانضغاط الاعصاب وحدوث الشلل نتيجة التعرض إلى الصدمة القلبية الوعائية (3) . إن تاثير الإيثانول على *الجهاز الهضمي يأتي من خلال تنبيه للغشاء المخاطي للمعدة إذ يزيد من افراز حامض  HCL كما أنه مخرش لغشاء المعدة ويؤدي إلى حدوث قرحة في المعدة Peptic Ulcer , أما في حالة الجرعات الكبيرة فانه يسبب التهاب المعدة الحاد والتهاب غشاء المعدة المخاطي المزمن وينقص من افراز HCLمن الخلايا الجدارية ويقلل من امتصاص الحديد وفقدان الشهية والقيء إذ يؤدي الى ضعف حركة الامعاء بسبب الامساك وفي حالات اخرى يسبب الاسهال (4). اما تأثيره على الكبد فيأتي من خلال تكوينه Acetaldehyde في الكبد والتي تؤدي إلى اصابته بالتشمع الكبدي وهي حالة تسمم أو تليف نتيجة حدوث تنخر الخلايا الكبدية فرط توتر الوريد البابيPortal hyper pressure وحدوث يرقان انحلالي وارتفاع في نسبة الدهون في الدم من خلال زيادة في تركيز Lipoporteins المختلفة في الدم والذي يسبب تصلب الشرايين (5).  وللكحول  تأثيرا مثبطا على *الجهاز العصبي المركزي ومراكز المخ العليا من خلال اضطرابه بالتنسيق الحركي وإلى السلوك العدواني ويثبط انتقال السيالة العصبية المحيطية , كما أن له تأثيراّ على *الجهاز البولي والجهاز التناسلي إذ يعد الكحول الاثيلي مدراً للبول, كما يؤدي إلى العقم في الذكور وضمور الخصية والضعف الجنسي, إذ يعمل على خفض مستوى هرمون الشحمون الخصوي عبر تنشيط الانزيـمات المستقبلة  للهرمـون وتثبيط الانزيمات المصنعة له, أما تأثير الايثانول على سكر الدم فأنه يرفع من سكر الدم في الجرعات الكبيرة نتيجة لتحلل الكلايكوجين، أما في حالة الادمان (التسمم الكحولي المزمن) فيعمل على نقص سكر الدم نتيجة لتثبيطه لعملية استحداث الكلوكوز. ويعمل الإيثانول على احداث نقص في مستوى البروتينات في الدم من خلال خفضه لعملية امتصاصها من الامعاء وعملية تكوينها في الكبد ويعمل على زيادة افراز هرمون الالدوستيرون مما يؤدي إلى نقص مستوى البوتاسيوم في الدم واحتباس الصوديوم, كما يعمل على  احداث نقص في الفيتامينات والمعادن(6). و إذا انتقلنا لمتابعة تأثير الكحول الأثيلي على الحمل فقد وجد أنه يؤدي إلى اجهاض الحوامل  بنسبة تزيد على ثلاثة أضعاف, وفي حالة ولادة الطفل يدعى بالطفل الكحولي الذي يمتاز بالزرقة ورجفان واضطراب عضلي وهيجان نتيجة لاجتياز الكحول الحاجز المشيمي للجنين بتراكيز معينة وبأوقات محدودة.  كما يؤدي إلى حدوث تشوهات خلقية تتمثل بصغر حجم سطح الجمجمة والدماغ وتغير لأبعاد الأنف بين الجبهة والذقن وتأخر التطور الحركي والتعرض للإصابة بأورام الدبقية  Neurogliomaوالأورام في أرومات الخلايا العصبية ) Neuroblastoma 7 ) .  

المصادر:—

(1)Mandayam, S.; Jamal, M.M. Morgan, T.R. (2004). Epidemiology of alcoholic liver disease. semin  Liver Dis., 24: 217-32.

(2)Melvin, D. Joesten and James, L. Wood. (2003). world of chemistry. Academic press. London.

(3)Paul, E. Ronksley, Susan, E. Brien, Barbara, J. Tumer, Kenneth, J. Mukamal; and Williams A. Ghali. (2011). Association of alcohol consumpation with selected cardio vascular disease outcomes. BMT.: 342-671.

(4)Parlesak, A.; Schafer, C.; Schutz, T. And Bode, J.C. (2000). increased intestinal permeability to macromolecules and endotoxemia in patients with chronic alcohol abuse indifferent stages of alcohole induced lived disease. J. Hepatol., 32: 742-7.

(5)Dey, A. And cederbaum, A.I (2006). Alcohol and oxidative Liver injury. Hapatology., 43 (1): 63-74.

(6)Liu, S., Hou, W.; Yao, P.; Zhag, B.; Sun, S.; Nussler, S.K. and Liu, L. (2010). Quercetin protects against ethanol-induced oxidative damage in rat primary hepatocytes. Toxicol in vitro., 24: 516-522.

(7)Ronis, M.J. Wands, J.R.; Badger, T.M.; Dela Monte S.M.; Lang. C.H. and claissendroff, J. (2007). Alcohol-induced disruption of endocrine signaling. Alcohol.clin-Exp Res., 31 (8): 1269-85.