أ.م. وسن كامل حسن
كلية التربية للعلوم الصرفة
إن التطورات الحديثة في تقنيات المواد قد عززت تطوير العديد من استراتيجيات التحضير لمركبات البوليمر والطين النانوي الجديدة. وقد خلق هذا الابتكار مركبات جديدة من البوليمر والنانو بخصائص محسنة، التي تم استخدامها بنجاح في مجالات متنوعة مثل الفضاء، والسيارات والبناء والنفط والطب الحيوي ومعالجة مياه الصرف الصحي. إن هذه المتراكبات قد عرفت كمواد متميزة بسبب تفوق خصائصها، مثل الكثافة والقوة وكبر المساحة السطحية و معامل المرونة العالي، مثبطات اللهب, بالإضافة الى الخصائص الميكانيكية الحرارية والكهروضوئية والمغناطيسية.
ويتم بالاستناد الى التركيب الكيميائي وتشكل الجسيمات تصنيف الطين في عدة مجاميع مثل السميكتايت والكلوريت والكاولينايت والإيلايت والهالوسايت. نظراً لتوافرها الواسع، وانخفاض التكلفة نسبياً وقلة تأثرها بالعوامل البيئية، وقد تمت دراسة الطين النانوي وتطويره لتطبيقات مختلفة, ومع النمو السريع لتكنولوجيا النانو والمعادن الطينية استخدمت بشكل متزايد كمواد نانوية طبيعية, والنانو هي جسيمات نانوية من طبقات معدنية متكونة من السيليكات مع الوحدات التركيبية الطبقية التي يمكن أن تشكل بلورات طينية معقدة عن طريق تجميع هذه الطبقات لتكون وحدة الطبقة الفردية من صفائح ثماني السطوح أو رباعي السطوح (1).
فمثلا تتكون المونتموريلونايت من طبقة من سيليكات الألمنيوم بسمك واحد نانومتر تقريبًا مستبدلة بالكاتيونات المعدنية
ومرتبة في مجاميع متعددة الطبقات بحجم 10 ميكرومتر تقريبًا, ويمكن اعتبار المجاميع في مصفوفة البوليمر كمواد مالئة أو مواد مضافة لتشكيل مركبات البوليمر الطين النانوي، التي تمت دراستها على نطاق واسع بسبب قدرتها العالية على التبادل الكاتيوني ومن تطبيقاته يعمل كتقوية للقوة الميكانيكية، مواد مقاومة اللهب، ومعالجة مياه الصرف الصحي .
وهكذا، فان وظيفية الطين النانوي تستخدم كمواد مالئة فعالة للبوليمرات لتعزيز خصائصها الميكانيكية والحرارية
وتُستخدم هذه الشرائح النانوية أيضاً لتكوين جزيئات نشطة داخل المتراكب، مثل مثبطات للهب ومضادات الأكسدة ومضادات التآكل والعوامل المضادة للميكروبات(1).
إن تطور متراكب البوليمر- الطين النانوي الجديدة أحدثت تقدماً في كيمياء المواد في السنوات الأخيرة. ويمكن استخدام مادة النانو الصلبة كمواد مالئة وقادرة على تقوية تركيب البوليمر بإعاقة الحركة الحرة لسلاسله المجاورة, علاوة على ذلك ، فإنه
يتصرف كعنصر لاصق بيني بين الحشو والسلاسل .
إن التحدي الأساسي هو تحقيق التوافق الكيميائي بين البوليمر والمالئ النانوي, بالإضافة الى التشتت المتجانس للنانو داخل
مصفوفة البوليمر وحدوث تفاعل بيني بين حشوات الطبقة النانوية ومصفوفة البوليمر، وبهذا فإن البوليمر داخل المركب تحدده هذه الميزات المترابطة لتشكيل خصائص مركبات البوليمر/ طين نانوي مثل القوة، ومعامل المرونة ، والاستقرار الحراري (1)”
.
“التطبيقات:
ظهرت تطبيقات جديدة لمركبات البوليمر/ نانو المتقدمة في السنوات الأخيرة، نظرًا لخصائصها الهندسية الفائقة مثل الكثافة المنخفضة ، والقوة النوعية العالية والصلابة ، مقاومة الكلال ، وتحسين السلوك الحراري , وتقريبا يتم تنفيذ 75-80 ٪ من مركبات البوليمر/ نانو في صناعة السيارات والطائرات وصناعات التغليف. تستثمر الشركات مليارات الدولارات سنويًا في تطوير متراكبات البوليمر/ طين نانوي مع التركيز على التطبيقات في الصناعة الطبية الحيوية ، والتحكم بالخواص الريولوجية وتغليف المواد الغذائية والمعالجة المسبقة لمياه الصرف الصحي(2).
“
1) “عامل التحكم الريولوجي:
إن المتراكبات الريولوجيه لبوليمر/ طين نانوي لها أهمية كبيرة في تطوير منتجات متقدمة لتطبيقها في مختلف المجالات مثل البترول والصيدلة . معظم البوليمرات التي تحتوي في بنيتها الأساسية على مكونات البترول لا تتوافق مع مواد النانو بسبب وجود الاختلافات في طاقات السطح ، وبالتالي تستخدم مواد محفزه لتقليل الطاقة السطحية لطبقات الطين .
إن متراكب الطين النانوي يستخدم في عدد من التطبيقات الجديدة ، مثل خلائط الإسفلت، إذ يتم استخدامها لتحسين مقاومة الكلال لخلائط الإسفلت، وتعزيز استقرارية التخزين ومقاومة التعتيق لخلائط الأسفلت المعدلة بالبوليمر, وبمساعدة المواد المحفزة للتوتر السطحي كمثبت في رغوة ثاني أكسيد الكربون؛ وفقًا للنتائج، حسّن الطين النانوي استقرار وتشكيل رغوة ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى تحسين استخلاص الزيت من وسط مسامي متجانس في جهاز الميكروفلويديك. إن نجاح تطبيق متراكب محفز السطح / النانو كمثبت للرغوة المفيدة في صناعة البترول واستخلاص الزيت المعزز للتطبيق في هذه المجالات وتحسين الخصائص الريولوجية ومقاومة سوائل الحفر التركيبية المطبقة عند درجات الحرارة العالية عبر استخدام مركبات النانو, إذ تمت زيادة ضغط القص للسوائل بشكل كبير، وانخفضت المقاومة الكهربائية لسوائل الحفر بحوالي 30٪ عند إضافة 1٪ من مركبات النانو , من خلال تطبيق شرائح نانوية من البنتونايت على خلائط الإسفلت ، وحسنت القوة الأساسية، ومقاومة التكسير لخلائط الأسفلت وقللت القابلية للرطوبة ،أظهرت النتائج أن خصائص الخرسانة والأسفلت ، بمركبات طين نانوي تعتمد على نسبة التحميل ودرجة الحرارة(3).
“
2) “تغليف الطعام:
تعمل مركبات البوليمر / الطين النانوي كحاجز ضد تغلغل العديد من الغازات ، مثل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون وأبخرة الماء والمركبات المتطايرة (النكهات والتلوث)؛ خاصية حاجز الغاز(مضادات الاكسدة) ، إلى جانب خواصها الميكانيكية والضوئية والحرارية الأساسية، رشحت هذه المركبات بشكل ممتاز كمواد تغليف للمواد الغذائية. في العقود الأخيرة ، نتيجة لمزاياها على المواد التقليدية الأخرى (مثل البلاستيك) ، تحتوي مجموعة متنوعة من مواد البوليمر / النانو تم تطويره بنفاذية منخفضة للغازات وتحسين خواصه الحرارية والميكانيكية.
يمكن أيضًا تصميم مركبات البوليمر/ نانو المبتكرة كمواد تغليف ذكية للسيطرة على نفاذية بعض الغازات مثل CO2 CH4 ، وبالتالي إطالة العمر الافتراضي لحفظ الطعام .
فمثلا تم تطبيق النانويات كمعززات للحاجز (مضاد اكسده) مثل مادة كحول الإيثيلين فينيل (EVOH) لتطوير مادة تعبئة باستخدام مركبات( EVOH – طين نانوي) ذات عمر تخزين طويل للطعام بدون تبريد هذه الماده المطورة لها عمر افتراضي يتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات(3).
كما استحدث استخدام مواد تغليف أغذية مضادة للميكروبات مثل (e-caprolactone) (PCL) كمركب مع الطين النانوي بهياكل متداخله بشكل أساسي , حيث انخفض بشكل ملحوظ حوالي 90٪ من قيم نفاذية بخار الماء إلى 56٪ .
إن استراتيجية طلاء السطح طبقة تلو الأخرى في تطبيقات تغليف المواد الغذائية تعتبر غير مكلفة وفعالة وسهلة الاستخدام وصديقة للبيئة. ولا يزال استخدام مركبات بوليمر/الطين النانوي في تغليف المواد الغذائية مجالًا متطورًا للبحث. ويتم تقديم تحسينات كبيرة وإمكانية معالجة بسيطة نسبيًا لمجموعة كبيره من المواد المطورة حديثًا ومنخفضة التكلفة وبشكل مستمر(4).
“
3) “معالجة مياه الصرف الصحي:
تتلوث المياه بسبب وجود مجموعة كبيره من المواد السامة، مثل المعادن الثقيلة والجزيئات العطرية والأصباغ، وأصبحت تشكل مخاوف صحية بسبب هذه المشكلة.
إن الامتزاز تقنية مستخدمة على نطاق واسع لإزالة الملوثات من الماء؛ وقد تم تطوير عدد من الممتزات الجديدة في السنوات الأخيرة, ومركب بوليمر/ طين نانوي قادرة على توفير قدرة امتصاص عالية بسبب قابليتها للمعالجة بواسطة التبادل الكاتيوني الفعال ، ومساحة السطح الكبيرة، وتكلفتها المنخفضة نسبيًا. يتمتع الامتزاز بالقدرة والانتقائية وقابليته لإعادة الاستخدام بشكل كبير, وهذا يحدث لوجود كل من الكاتيونات القابلة للاستبدال، وبنية الطين النانوي في المصفوفة (المادة الأساس) والتقنية المستخدمة في معالجتها بالإضافة الى وجود جزيئات الماء بين طبقات الطين. وتم تطوير العديد من مركبات البوليمر/ النانو حديثاً لاستخدامها كممتزات فعالة للمعالجة, ومن امثلتها مركبات النانو سيبيولايت مع بولي (فينيليميدازول) المصنعة باستخدام طريقة البلمرة في الموقع. إن هذا المركب يعتبر سطحاً كثيفاً ومادة ماصة فعالة في مياه الصرف الصحي.
كما أظهرت مركبات الزئبق تشتت الطين النانوي في مصفوفة البوليمر، والتي توفر قدرة امتصاص أعلى مقارنة مع السيبيولايت وأن قيمة الأس الهيدروجيني للامتصاص هي المثلى وتحدث عند الرقم الهيدروجيني ستة وتزداد قيمتها مع درجة الحرارة(5).
بالإضافة الى مركب الطين النانوي البنتونايت لإزالة صبغة الأيونية ريمازول السوداء PVI من الماء في معالجة مياه الصرف الصحي وتم تحقيق أقصى امتصاص (230 مجم / جم) عند درجة حموضة 2.
وبذلك فان العديد من مركبات البوليمر والطين النانوي قادرة على إزالة الملوثات المختلفة من المياه, وقد أثبتت فعاليتها في عمليات معالجة المياه. ومخاوف السلامة لا تزال قائمة فيما يتعلق بإمكانية إطلاق الجسيمات النانوية في البيئة وإلحاق الضرر بها بسبب حدوث العديد من التحولات مثل التحول الكيميائي، والتحول البيولوجي، والتحول الفيزيائي, أو جميعها، من جراء التفاعلات بين الجسيمات والمواد العضوية الطبيعية أو الجزيئات الحيوية . بناء على ذلك ، يجب أن يأخذ التطوير الإضافي لهذه المواد في الاعتبار لاستراتيجيات المعالجة، وطرق التطبيق، إمكانية التجديد ، وكذلك الآثار البيئية وصحة الإنسان(5).
4) “التطبيقات الطبية الحيوية :
إن تقنيات النانو المتقدمة والمواد البوليمرية ذات الخصائص البارزة مثل مثبطات اللهب، والخصائص الميكانيكية والحرارية ساعدت في استحداث متراكبات جديده وبمعدل سريع للغاية، والتفاعلات الخلوية مع مركبات البوليمر/ النانو كانت موضوع التحقيقات الأخيرة مع التركيز على استخداماتها في تطبيقات الطب الحيوي مثل هندسة الأنسجة، والعلاج الجيني وحفظ الأغذية، والاستشعار الحيوي والتصوير الحيوي وإيصال الأدوية .
هذا الاهتمام المتزايد يرجع إلى الخصائص الفريدة لـمركبات البوليمر / نانو ، بما في ذلك خصائصها الريولوجية، وقدرتها على الاحتفاظ بمساحة سطح كبيرة نسبة إلى حجم وتقارب التفاعل مع البوليمرات الحيوية(6) .
وتعد هندسة الأنسجة مجالًا حيويًا نظرًا لزيادة شيخوخة السكان وانتشار الأمراض المزمنة، قد تساعد مركبات البوليمر/ النانو في إصلاح أو استبدال الأنسجة التالفة أو الأعضاء، على سبيل المثال، نجحت النتاجات القائمة على متراكب البوليمر/ نانو
المعدة في تطبيقات زرع الخلايا في هندسة الأنسجة العصبية, وأظهرت درجة عالية من المسامية والتوافق الحيوي والقابلية للتحلل ولها تأثير كبير في كمية تحمل الطين النانوي في المصفوفة, علاوة على ذلك ، فإن دمج تقنية النانو في متراكب البوليمر/ الطين توفر خصائص قوية مضادة للبكتيريا وتمت ملاحظة الاستقرار الحراري للغشاء والخصائص الميكانيكية بعد دمج المركب وأشار إلى استخدامه في تطبيقات تجديد العظام ,والتي مهدت الطريق للهلاميات المائية للبوليمر/ نانو في التطبيقات الطبية الحيوية ،حيث قاموا بالكشف عن تأثير الأملاح مثل (NaCl ,CaCl2) على بنية وخصائص المتركبات, وطور مركب ذكي من الطين النانوي المقشر المكون من (كحول بولي فينيل / شيتوزان / عسل / طين) لتضميد الجروح(6) .
إن التطبيقات الطبية الحيوية المختلفة لمركبات البوليمر / الطين النانوي أيضًا تتمتع بإمكانيات واعدة في مجالات أخرى مثل التصوير الحيوي وتضميد الجروح، وأجهزة الاستشعار الحيوية وكعوامل توصيل الأدوية. وفي الآونة الأخيرة تم تطوير عدد من مركبات البوليمر/ النانو كعوامل تباين للتصوير بالرنين (MRI) ، والتصوير الضوئي (PA) (FI) ، والتصوير المقطعي المحوسب بالأشعة السينية (CT) ، نظرًا لتأثيرها على التوزيع الحيوي .
اكتسب تطوير المستشعرات الحيوية المركبة من البوليمر/ النانو اهتماماً كبيراً بمختلف التطبيقات، كاكتشاف إنزيم الجلوكوز أوكسيديز (GOx) في عينة جزيئات البلاتين النانوية والتي تم استخدامها لمراقبة جلوكوز الدم في مصل عينات الدم البشري بالإضافة الى ذلك تحليل المنتجات الغذائية، والكشف عن مسببات الأمراض للإنسان والحيوان والرصد البيئي(6).”
“الاستنتاجات والآفاق:
أدى ابتكار وتطوير مركبات البوليمر والنانو إلى إنتاج مواد جديدة ذات خصائص متميزة، والتي تعتمد بشكل أساسي على نوع مادة النانو المعدلة وطريقة الصنع. وبشكل عام فإن تطبيقات مركبات البوليمر والنانو اكتسبت زخماً كلاسيكياً, وتظهر لهذه المركبات امكانات واعدة على نطاق واسع في مجموعة من التطبيقات, وفي مختلف الصناعات مثل البترول وتغليف المواد الغذائية ،والطب الحيوي ومعالجة مياه الصرف الصحي, كما تملك بعض المركبات خصائص تقوية ممتازة للخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد(6) .”
” المصادر:”
1) He, Y.; Li, X.; Zhu, T.; Shan, M.; Zhu, L.; Si, T.; Wang, H.; Sun, Y. Controlling the Internal Structures of Polymeric Microspheres via the Introduction of a Water-Soluble Organic Solvent. Polymers 2018, 10, 789.
2) Nazir, M.S.; Kassim, M.H.M.; Mohapatra, L.; Gilani, M.A.; Raza, M.R.; Majeed, K. Characteristic properties of nanoclays and characterization of nanoparticulates and nanocomposites. In Nanoclay Reinforced Polymer Composites; Springer: Singapore, 2016; pp. 35–55.
3) Uddin, M.K. A review on the adsorption of heavy metals by clay minerals, with special focus on the past decade. Chem. Eng. J. 2017, 308, 438–462.
4) Savic, I.; Stojiljkovic, S.; Savic, I.; Gajic, D. Industrial application of clays and clay minerals. In Clays and Clay Minerals: Geological Origin, Mechanical Properties and Industrial Applications;Wesley, L.R., Ed.; Nova Science Publishers: New York, NY, USA, 2014; pp. 379–402.
5) Lazzara, G.; Cavallaro, G.; Panchal, A.; Fakhrullin, R.; Stavitskaya, A.; Vinokurov, V.; Lvov, Y. An assembly of organic-inorganic composites using halloysite clay nanotubes. Curr. Opin. Colloid Interface Sci. 2018, 35,42–50.
6) Saad, A.; Jlassi, K.; Omastová, M.; Chehimi, M.M. Clay/Conductive Polymer Nanocomposites. In Clay-Polymer Nanocomposites; Elsevier: Cambridge, MA, USA, 2017; pp. 199–237.