أ.د. عدي حاتم عبد الزهرة المفرجي
جامعة كربلاء/كلية التربية/ قسم التاريخ
أن مفردة التهجير في المدلول اللغوي هي مصدر مأخوذ من الفعل هجر، و يراد به طرد الناس من بيوتهم أو قراهم أو بلادهم. قسر او القَسْرُ هو القَهْرُ على الكُرْه . قَسَرَه يَقْسِرُه قَسْراً واقْتَسَرَه : غَلَبه وقَهَره ، وقَسَرَه على الأَمر قَسْراً : أَكرهه عليه، ووجدنا مصطلح (التَّهجير القَسْريّ ) ويقصد به تاريخيا ظهوره كمصطلح عملية إبادة اليهود من خلال التَّهجير والتَّجويع وأعمال السُّخرة ، وذلك عند النَّازيّة . (المعاني ،16/9/2019، مادة : التهجير و قسر ).
ولكن ما وقع على العراق في مراحل تاريخية متعددة يفوق كلا المصطلحين انطلاقاً من هِجْرَةُ وهُجْرَةُ والمقصود بها الخُروجُ من أرضٍ إلى أُخرى ولكن كلا المصطلحين(التهجير والهجرة) ينطلقان من معنى واحد وهو اجبار على ترك الارض بشتى الوسائل ، وتعد جريمة حرب
حسب القانون الدولي فهو إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وهذا التعريف جاء من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة ( قناة الجزيرة الفضائية،24/9/2019).
سبق ماسي الحرب العالمية الثانية من تهجير اليهود حالات عديد من الهجرة القسرية لأسباب متعددة، من بينها النزاعات الداخلية المسلحة، والصراعات ذات الطابع الديني أو العرقي أو المذهبي أو العشائري. ولدينا في تراثنا الاسلامي على سبيل المثال التهجير القسري بقيام أهل مكة بإخراج الرسول عليه واله أفضل الصلاة والسلام من مكة، وحينها قال قولته الشهيرة “والله إنك أحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت”. وهنا دلالة الهجرة القسرية هو ترك الارض والابعاد بالإجبار والاكراه. (قناة الجزيرة الفضائية،24/9/2019).والسؤال الذي يطرح في الاوساط الاكاديمية: هل الهجرة القسرية مرتبطة بالتطهير العرقي؟ والجواب هو ان القانون الدولي ربط بين الهجرة القسرية والتطهير سواء أكان عرقياً او سياسياً او دينياً، أو غير ذلك. ولذا الحق باتفاقية جنيف (بروتوكولان كملحقين ) في عام 1977، مفاده ان الهجرة القسرية هي جرائم الحرب بسبب الانتهاكات الجسيمة وبخاصة اذا ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق، أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، فهو يشكل جريمة ضد الإنسانية وانطلق هذين الملحقين ايضا من المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية) التي أقرتها الأمم المتحد في 9 كانون الأول/ ديسمبر عام 1948بان الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية أو عنصرية أو دينية بمنزلة إبادة جماعية والافعال هي :-
أ – قتل أعضاء من الجماعة.
ب – إلحاق أذى جسدي أو روحي خطِر بأعضاء من الجماعة.
ج – إخضاع الجماعة، عمدًا، لأوضاع معيشية، يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا.
د – فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
هـ – نقل أطفال من الجماعة عنوة، إلى جماعة أخرى.
ولكن من الضروري ان نبين بوجود علاقة بين النزوح الارادي والهجرة القسرية فالنزوح الإرادي أو الاضطراري وهو بدون اجبار مسلح لتجمعات سكانية من مدينة أو منطقة أو مناطق سكناها إلى مناطق أكثر أمنا نتيجة شعور عام بوجود خطر مباشر على الجميع أما لنشوب حروب نظامية بين دولتين أو أكثر، أو لحصول كوارث طبيعية كالزلازل والبراكين والفيضانات والسيول. (الموسوعة الحرة ويكيبديا،25/8/2019).