بداية التعليم الإلكتروني
بدأ الإعلان عن هذا النوع من التعليم في العام 1963 في بريطانيا بما يسمى جامعة الهواء, ثم سميت بالجامعة المفتوحة. وفي العام 1973 وصل عدد طلابها إلى 25 ألف طالب .
إن العامل الحاكم في الحياة المجتمعية يتمحور حول المعرفة, إذ إن نواة التنظيم الاجتماعي والمؤسسات الرئيسة لمجتمع الغد تعتمد على الجامعة باعتبارها مركز التراكم المعرفي, مما يوجب أن تكون الخطط المستقبلية مدركة لأهمية التوسع في التعليم الجامعي, ليس من خلال زيادة عدد الأبنية فحسب, ولكن من خلال الاعتماد على نظام التعليم عن بعد, التعليم الإلكتروني الذي فرض نفسه بجدارة, بسبب ما يوفره من امكانات عديدة.
قسم التعليم الإلكتروني عن بعد الى التعليم الإلكتروني المتزامن وغير المتزامن, فالتعليم المتزامن يحتاج إلى وجود المتعلم والمعلم في الوقت نفسه, لإجراء النقاش والمحادثة. أما التعليم الإلكتروني غير المتزامن فهو تعليم غير مباشر لا يحتاج إلى وجود المتعلمين في الوقت ذاته, إذ يتمكن المتعلم من الحصول على الحصة الدراسية بحسب الوقت المناسب له.
الإيجابيات
1ـــ يقدم هذا النوع من التعليم للطلبة الكثير من المعلومات بالمقارنة مع وسائل التعليم التقليدي.
2ـــ خاصية عدم الحضور الفعلي بالنسبة للطلبة والأستاذ, بما يقلل من الأعباء والصعوبات.
3ـــ يوفر التعليم الالكتروني للمرأة فرصة كبيرة لإتمام دراستها في التعليم الجامعي, إذ تتغلب علي مصاعب الخروج من البيت, وييسر لها الانتظام في الصفوف الجامعية.
4ـــ تسهيل امكانية التواصل السريع بين الطلبة.
5ـــ يوفر ما يعرف بالتعليم الذاتي, أي اعتماد المتعلم على نفسه. وهذا ما يجعل من الطالب باحثاً عن المعلومة, وليس مجرد متلق لها.
6ـــ تقليل التكلفة المالية, على المؤسسة التعليمية, وعلى الطلبة أيضاً.
7ـــ يتيح فرصاً أكبر لمراجعة المواد الدراسية.
8ـــ يعطي للمتعلم مجالاً في اختيار وتوفير الكثير من الوقت.
السلبيات
1ـــ يستلزم الحاجة إلى أجهزة حديثة, وشبكة اتصال بالإنترنت ذات كفاءة جيدة, وهو ما يصعب توفيره في جميع الأماكن, لاسيما في المناطق الريفية البعيدة.
2- لا يوفر التعليم الالكتروني فرص الاحتكاك بالمجتمع والاصدقاء, لا سيما وأن تعزيز الروح المنفتحة, وابعاد السمة الانعزالية عن نفوس الطلبة من أبرز أهداف التعلم.
ومن بين الملاحظات المهمة عن هذا الموضوع, وكانت قد برزت أثناء الأشهر الماضية التي رافقت اعتماد التعليم الإلكتروني وجود نوع من عدم التقبل من قبل الطلبة, وخاصة في الفترات الأولى من استخدام هذا النظام التعليمي. وتتجلى هذه الظاهرة من خلال عدم رغبة الطالب في التفاعل معه بتحججه بأعذار صحية, أو تذرعه بعدم توفر الامكانيات المادية مثل الحاسوب أو جهاز الموبايل الحديث, أو عدم التمكن من استخدام البرامج الخاصة بوسائل التعليم الإلكتروني, وكذلك عدم توفر شبكة انترنت لأسباب عديدة, إما بسبب رفض محيطه الأسري لذلك, أو إن الطالب يسكن في منطقه بعيدة عن مجال التغطية.
إلا أنه وبعد فترة ليست بالطويلة, أصبح هناك تغير ملحوظ في موقف الأسر المتحفظة, فاقتنعوا بضرورة تواصل أولادهم مع المنصات التعليمية المخصصة لإعطاء المحاضرات, وكذلك تغيرت نظرتهم لأولادهم فصاروا أكثر ثقة بهم من ذي قبل, حين وجدوهم وقد راحوا يتوجهون الى الصفوف الدراسية الإلكترونية, بدلاً من استخدام الأجهزة لأمور أخرى غير نافعة. وهكذا فإن كثرة تفاعل الطلبة على نحو تدريجي يوضح مدى اهتمام الأهل في توفير شبكة الاتصال بخدمة الانترنت, وتوفير الأجهزة الحديثة للتواصل.
ويبدو من خلال التجربة لمثل هذا النوع من التعليم أن الطالب والأستاذ قد أجبرا عليها, مما ولد لديهم شيئاً من النفور في البداية. أي أنه لم تكن هناك اجراءات ممهدة لذلك, كأن يكون الطالب قد اعتاد على تطبيق هذا النظام في السنوات السابقة مثلاً, ونرى عكس ذلك في التعليم الذي لا يعتمد على هذا النظام. وهو التعليم التقليدي الذي كان يسير بكل انسيابية .
ولعل من اللافت للنظر أيضاً أن الطلبة قد بدأوا من خلال ما يعرف ب (الكروبات) بالاهتمام بما ينشر على موقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, فما إن يتم نشر كتب وتعليمات رسمية جديدة, حتى يسرع الطلبة لنشرها في (كروباتهم) الخاصة, مع أن كثيراً من تلك التعليمات تبدو صعبة التفسير بالنسبة لهم, لعدم اعتيادهم على فهم لغة الكتاب الرسمي. إلا أننا نلاحظ أن الطالب يقوم بإبداء رأيه في ذلك كله, وقد يتبنى في بعض الأحيان تأويلات غير صحيحة. وفضلاً عن ذلك, فإن تصفح تعليقات الطلبة يمكن أن تفيد الدارسين المختصين, فهي تبين مستوى الثقافة العلمية للطالب, و طبيعة حياته الاجتماعية.
وختاماً, لابد من أن تكون هناك دراسات علمية جادة تسهم في تقييم تجربة التعليم الإلكتروني لأن الوقت ليس في صالح الطالب ولا الأستاذ. إن الظرف استثنائي, وتجربة التعليم الالكتروني جديدة, والمواد الدراسية كثيرة بالنسبة للطالب, لذا لابد من اجراء تلخيص للمادة الدراسية بما يتناسب وطبيعة الظروف الحالية, التي نأمل أن تتغير نحو الأفضل في القريب العاجل من الأيام.
الأستاذ الدكتور ميثم مرتضى نصر الله
جامعة كربلاء ـــ كلية التربية