التَّفْكِيرُ اللسَانِيّ عِندَ الفَلاسِفَةِ المُسلمِين جَابر بن حيَّان (ت200ه) أنموذجاً

اطروحة دكتوراه

اسم الباحث : كرار عبد الحميد عدنان الموسوي

اسم المشرف : أ . د. عادل نذير بيري الحسَّاني

الكلمات المفتاحية :

الكلية : كلية التربية للعلوم الانسانية

الاختصاص : اللغة العربية واَدابها / اللغة

سنة نشر البحث : 2022

تحميل الملف : اضغط هنا لتحميل البحث

الحمدُ لله الذي أنزل كتابَه الكريم بلسانٍ عربيّ مبينٍ, والصَّلاةُ والسَّلام على خير خلقه أجمعين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين, وعلى أصحابه الميامين وسلَّم تسليماً كثيراً.
أمَّا بعد …
فإنّ من المسلَّمات التي لا يحتاجُ المرء إلى تكوين فلسفيٍّ للبتِّ فيها؛ أنّ علماء وفلاسفةَ الإسلام قد تمكَّنوا من بناء منظومة علميَّة عربيَّة إسلاميَّة قائمة بذاتها، لا تخلو من عناصر الابتكار والأصالة والإبداع في العلوم المختلفة وفروعها، وأن القرن الثاني للهجرة قد مثَّل ذروة التفكير العربي والإسلامي في بناء هيكل المعرفة والنظريَّة العربيَّة، وتصنيف العلوم، وأنه يرتبطُ بمرحلة التأسيس الفكري عند العرب وبزوغ تباشير التفكير اللساني في الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة بصورة عاَّمة.
وقد توقّف كثيرٌ من الباحثين عند الكثير من المحطَّات المفصليَّة في فكر الكثير من علماء تلك المدّة؛ ممَّن كان له الأثر الكبير في تشكيل المعارف الإسلاميّة، والفكر العربي ككل، بيد أن ثمة وقفة خاصَّة تقفها هذه الدراسة مع شخصيَّة موسوعيَّة، وفلسفيَّة منفردة بعلميَّتها، وأسلوب طرحها والحديث هنا عن الفيلسوف جابر بن حيان الكوفي(200هـ)، ولاسيَّما ما يخصُّ التفكير اللساني لديه؛ فقد أظهرت أفكاره اللسانيَّة تلك التي أودعها في كتبه ورسائله نزعة علميَّة مهمَّة ودقيقة تبنَّاها جابر وهو يواجه قضايا فلسفيَّة ومعرفيَّة مختلفة، وبما تزخر به من أفكار تنظيريَّة وإجرائيَّة مهمة؛ الأمر الذي يؤهله ويؤهلها بالدرجة الأساس لأن تحتلَّ مساحةً واسعةً من الدرس اللسانيّ المعاصر، وأن تصبح انشغالاً فكريَّاً ونظريّاً ومنهجيّاً للكثير من المشتغلين في المستويات اللسانيَّة كافة؛ إذ إن إفراده والتوجّه إليه بالدراسة يعدُّ ممارسة علميَّة، ووجهة ضروريَّة مفيدة في البحث للوقوف على المستويات المعرفيَّة والمنهجيَّة “التدوينيَّة” التي سلكها الفلاسفة المسلمون، وفي مقدّمتهم جابر بن حيّان في تأسيس النظريَّة اللسانيَّة العربيَّة والتفكير فيها.
وانطلاقاً من هذا التصوّر تأتي هذه الدراسة الموسومة بـ “التفكير اللسانيّ عند الفلاسفة المسلمين، جابر بن حيّان (200هـ) أنموذجاً” ــ التي تقع في إطار النظر في حقيقة الإبداع الفلسفيّ ــ بحثاً عن التفكير اللساني لدى جابر في أثناء لحظة التأسيس تلك؛ أي المدة المعروفة في تاريخ الثقافة الإسلاميَّة بـ”عصر التدوين” حيث شرعت النظريَّة اللسانيَّة تنبثق، وتتوالد وتتنامى وتتطوّر.
وإن هذه الدراسة على وفق الخط المعرفي، والمنهجي الذي تمَّ تشكيله في العنوان الرئيس ستقوم بمناقشة المستويات اللسانيّة ــ “الصوتيَّة، والصرفيَّة، والنحويَّة، والدلاليَّة”ــ التي شغلت العقل الفلسفي بصورة عامّة، وجابر بن حيّان على سبيل التحديد والاختيار، ومحاولة الوقوف على النسق التدويني الذي انمازت به بعض المدونات والمقولات الجابريَّة (اللسانيّة) ورصد النتائج المترتّبة عن القراءة الفاحصة لها .
وهكذا فإن هذه الدراسة تحاول الإجابة عن مجموعة من الأسئلة الجوهريَّة المتعلقة بالتفكير اللساني الذي تثيره مدونات ابن حيَّان المرتبطة بالفلسفة وعلاقتها بالظاهرة اللسانيَّة وما يتعلّق بها من تصوّرات وأفكار “تدوينيَّة، أو تكامليَّة”؛ تلك التي تحيلنا على مجموعة من الإشكاليات والأسئلة المحوريّة ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ إلى أيّ مدى أسهم الفلاسفة المسلمون وجابر بن حيّان في المقام الأول في إثراء الدرس اللساني؟ وهل هناك تقارب بين ما قدّمه جابر من أفكار وتصوّرات لسانيَّة وما قدّمه سائر اللغويين “قدماء ومحدثين” ؟ وكيف كان جابر بن حيّان يستدلُّ على خصائص المادة والعالم من خصائص اللغة في البساطة والتركيب ؟.
وإن ما يزيد الأمر أهمية وجمالاً في هذه الدراسة هو أن التفكير اللسانيّ الذي يقدّمه جابر بن حيان في مدوناته لم ينل ما يستحقه من البحث والمدارسة والاهتمام؛ بل ما تزالُ أفكاره أرضاً بِكراً لم تطأها أقلامُ الباحثين؛ فلا أعلم أحداً تصدى لدراستها في دراسة لسانيَّة مستقلة في حدود ما تيسر لي من مصادر؛ ومن ثَمَّ فستكون مهمةُ وأهداف هذه الدراسة؛ متابعةَ تلكم الأفكار ومحاولةَ الوقوف عندها وقراءتها قراءةً لسانيةً معاصرةَ؛ بغية أرخنتها وتصنيفها للوقوف على أنساقِها المعرفيَّة والمنهجيَّة التي حوتها.
ولعلنا عن طريق عرض الخطة، التي بَنَينَا عليها هذه الدراسة نتمكنُ أيضاً من توضيح أهميَّة الموضوع، ومساراته بغية الوصول إلى النتائج التي فرضتها المادة الخام، وطبيعة الموضوع؛ فقد قسَّمنا الدراسة على أربعة فصولٍ، يتقدّمها تمهيدٌ، وتقفوها خاتمة.
فأمَّا التمهيد والموسوم بـ “لماذائيات” فقد خُصص للبحث في مصطلحات العنوان الرئيس، أي “التفكير اللساني”، و”الفلاسفة المسلمين”، و”جابر بن حيّان”، وبوصفها القاعدة التي انطلقت منها هذه الدراسة، وقد صاغها الباحث على هيئة مجموعة من التساؤلات، التي لم تكن مجرد وسائل لبلوغ الإجابات فحسب، وإنَّما هي أيضاً أدوات استفزازيَّة نتطلع عن طريقها لإنتاج خطاب واضح يعمل على رسم المنهجيَّة التي تحدد مسار الدراسة، وترسم ملامح هويتها بغية الوصول إلى النتائج التي فرضتها المادة المتحصّل عليها.
وأما الفصل الأول والموسوم بـ “التَّفكيرُ الصّوتي عند جابر بن حيّان” فستكون الدراسة متمركزة فيه حول التفكير الصوتي عند العرب وإرهاصات نشأته وتدوينه في الفكر الفلسفي وعند جابر بن حيّان على وجه الخصوص، والذي قسَّمناه على ثلاثة مباحث كبرى حاولنا من خلالها رصد التحوّل الذي طرأ على التفكير الصوتي لينقله من الشفاهيّة إلى التدوين، وضبط مدلول كل من “الصوت ، والحرف” ومفهومهما لدى جابر، وبوصفهما الأساس الذي عن طريقه تتبلور الرؤية اللسانيَّة لديه، ثم تناولنا مسألة “التكامل المعرفي” بين علمي الأصوات والموسيقى التي لم يسبق أن طرحت كما هي مطروحة لدى جابر، وختم الفصل بعرض شامل لخلاصة رؤيته المتعلقة بالأصوات اللغوية وعلاقتها بعناصر التكوين الأولى (العناصر الأوليّة الأربعة).

The Linguistic Thinking to Muslim Philosophers: Jabir Bin Heyan ( died 200 H.) as a Model

Abstract:
The linguistic thoughts of the philosopher Jabir Bin Heyan which were mentioned in his books and messages showed an accurate important scientific desire that Jabir Bin Heyan adopted when he was facing different philosophical and cognitive issues; the matter that qualifies him and qualifies them mainly to occupy a large area of the contemporary linguistic lesson and to be an intellectual theoretical and methodological case for many people interested in all linguistic levels.
Based on this vision, the current study which is entitles ” The Linguistic Thinking to Muslim Philosophers: Jabir Bin Heyan ( died 200 H.) as a Model” came to search about his linguistic thinking. During that establishment moment, the well known duration of the Islamic culture history ” writing era” the linguistic theory emerged, reproduced, developed, and improved. The researcher devoted, in his cognitive body, a large area of articles and linguistic thoughts when the philosopher Jabir Bin Heyan is isolated in mentioning them and said something for the first time. However, the obtained raw material divided the study into four chapters preceded by a preface and followed by conclusion contained the whole results as the following:
1.Studying the linguistic sounds and thinking about them have an exceptional significance in the philosophical achievement of Jabir Bin Heyan. The phonological level is considered one of the linguistic levels and the encyclopedic knowledge in which Jabir Bin Heyan was pioneer and renewal in them, particularly the theoretical side, for his contribution through his messages and books were explicit in building the phonological system to Muslim philosophers.
2.The study registered that Jabir’s Bin Heyan philosophical and non-philosophical messages contained basic morphological concept passing through its relation with other sciences and up to limiting the morphological structures in the Arabic tongue.
3.The grammatical imaginations that Jabir Bin Heyan introduced represented one of the leading preliminaries historically, cognitively to the science and organization stage to philosophers and linguists, especially that Jabir Bin Heyan is considered the first who